قصة قصيرة بعنوان " وجدتها ... "
لا يذكر من ماضيه سوى صورة باهتة كثيرا ما كان يتحاشى رسم معالمها ، وجد نفسه نزيل إحدى دور الأيتام ، كان ينفر من أسئلة كثيرة يمكنها أن تنغص عليه حياته . تبنته إحدى المحسنات بعدما أخبرتها مديرة المؤسسة الخيرية بأنه طفل نجيب جدا و ذو أخلاق عالية .إجتاز امتحان الباكلوريا و عمره لا يتجاوز الثانية عشرة وقد حصل على ميزة حسن جدا . صورة أمه يراها في جميع وجوه النساء ، هيفاء و شعرها كستنائي يمكن... أجمل النساء لم لا ... عندما كان يسأله معلموه ما هي المهنة التي تحب ، كان يجيب بتلقائية و ثقة كبيرة في نفسه بأنه يريد أن يكون طبيبا نفسانيا ،لماذ ... ؟... يجيب لكي أخفف من معاناة اليتامى و الجروح النفسية التي يتركها اليُتم في اليتيم ، الجميل هو أنه بدأ بنفسه فلم يكن يحس بأي مركب نقص . أكمل دراسته ... كان زبناؤه أغلبهم نساء ، يشتكين من معاناة نفسية فلربما ذلك راجع إلى أن النساء أكثر عرضة إلى الهزائم في حياتهن ، بعضهن صغيرات من شدة إعجابهن بأخلاقه و رقته كن يتظاهرن بأنهن يعانين من مشاكل نفسية فقط للحديث معه طمعا في استمالته و إسقاطه في شباكهن ، بينما هو أعطى لقلبه إجازة مفتوحة في انتظار التي تأتي و قد لا تأتي ... أمه كانت تراقبه عن كثب و عن بعد من حيث لا يدري ، لكنها لم تستطع مقاومة عاطفة الأمومة ، كانت حذرة جدا و هي تتلذذ بالحديث معه في الجلسات بعدما أصبحت إحدى زبوناته ... تشتكي له من الأرق وأنها تخاف من الظلام و أنها ترى طيفا في أحلامها يطاردها و يعنفها لأنها تخلت عنه و أنها تحس بتأنيب الضمير لها . في كل جلسة تومئ له بكلمة في اعتقادها أنها ستعيده إليها ، هذه المرة صممت على أن تكون أكثر جرأة . في إحدى الجلسات حيث كان الحديث دافئا جدا و هي تتفحص تقاسيم وجهه الجميل بنظرات مختلفة ، أحس هو أن المرأة الماثلة أمامه تريد أن تبوح بجديد فلربما ساعدته على إيجاد حل لمشكلتها ، لكنها صمتت طويلا ، ثم خاطبته قائلة أنظر ياولدي ، لم يسمع من قبل أي زبونة نادته بولدي ، أسئلة كثيرة دارت في ذهنه، لكنه لم يخطر بباله أن الجالسة أمامه أمه . صمت طويلا ... إستجمعت هي قواها و سألته باكية، أليس على ثديك الأيسر وحم ياولدي ...؟ أخذ هاتفه المحمول و اتصل بأمه بالتبني و هو يردد وجدتها وجدتها .....
الشاعر أحمد بوحويطا أبو فيروز
* المغرب