الليل
دجى الليل فلبست الطبيعة لبس السواد و نثر لآلئه عليه فغدا الطير الى وكره و الحيوان الى مربضه و الانسان الى مسكنه غير العشاق المتيمين الذين تستيقظ أفئدتهم و تصحا أوجاعهم من بين الضلوع يتجرعون كؤوس الهوى المعتق فيثملون و يترنمون و يترنحون و هم في برزخهم ذاك بين الحياة و الموت ينتظرون سراج الليل يستأنسون بمرآه ناشرا كتاب أحبابهم لهم كحمام زاجل يهديهم السكون و الهدوء أو كفرقد يدلهم طريق النجاة فتنير صدورهم الليلاء من شوق أحبتهم.
ان هؤلاء لا يعيشون كغيرهم من البشر فتراهم شاردي الذهن،لهم ملامح البراءة و الكآبة في آن،قلوبهم و عقولهم متخاصمان،لا ينبسون إلا قليلا،قلقون وجلون من دنو الموت منهم و هم في نأي عن خلانهم،يعيشون في كرى لا تزورهم السنة،متشائمون غالبا هم دوما على صواب حتى و ان كانوا مخطئين.
انه الحب يغير المرء من حال الى حال فكم من زاهد صار عربيدا و كم من متوحش روضه فاستحال أليفا حنونا فناموسه جبار و هو كمرض فتاك يسري في جسدك فيعله و لا يبرؤه إلا ترياقا واحدا هو ما يسكن جوانحه و عقله بل كله.
..........بقلم:بن عمارة مصطفى خالد.