حروف الصمت
عذرا لك أيّها البوح الذي كلّما مررت يدي على وجهه فاضت دمعته شلال حزن، لتخترق أعماقي كأنّها سيف حاد يشطرني نصفين..
عذرا لك لأننّي أبقيتك هنا داخلي في زنزانة صدري حبيس ذاتي، وأنا التي لطالما كرهت الأقفاص والقيود..
لا أدري كيف سمحت لنفسي بقصّ جناحيك؟ لتبقى هنا معتقلا بين جدران صمتي دون أن تجرأ يوما على تجاوزها لتحلّق عاليا في سماء الاعتراف والوضوح...
لا أدري كيف عاملتك بكل هذا الجبروت والقسوة؟ وأنا أدرك جيّدا مدى حنينك لمعانقة الغيم ومغازلة الريح، وكم أنّك تشتاق أريج الورد وشدو الجداول على التلال..
أدرك جيّدا وجدك واحتراقك وألمك، لكن ما يشفع لي عندك هو أنّني ما فعلت كلّ هذا إلّا لأحميك من غدر وجع لايرحم، وسخرية أنين أسود مظلم..
نبلك ونقاؤك الذي يسطع نوره داخلي في كل حين.. صار يهمّني أكثر من حريتك التي تنشدها...
أعترف أنّه حب مختلف.. لكنّه حب حقيقي خال من كل زيف وخداع...