الأخطل الصغير
من هو أول من لقب بهذا اللقب ؟
أبو الأسد الثعلبي " نباتة بن عبدالله الحماني "
نباتة بن عبدالله الحماني الملقب " أبو الأسد الثعلبي " و الذي عاش في العصر العباسي .. هل هو أول من لقب " الأخطل الصغير "
من المعلوم أن غياث بن الغوث بن الصلت المولود 640 – 708 ميلادية و الذي عاش في أيام الدولة الأموية .. هو صاحب لقب " الأخطل " ، و يبدو أن أكثر من شاعر تشبه بالأخطل الكبير. و قد حمل هذا اللقب في العصر الحديث الشاعر الكبير " بشارة الخوري " الذي لقب بالأخطل الصغير .
لكنني فوجئت .. وفي أثناء مطالعتي في كتاب " العقد الفريد " ، وجدت في الجزء الخامس منه ، و بالتحديد في الصحيفة رقم 419 ، طبعة القاهرة 1965 م ، تحقيق أحمد أمين واثنين آخرين ، ما لفت نظري وهي العبارة التالية :
و قال الأخطل الصغير :
خلع الربيع على الثرى من وشيه ... حلــلا يظل بها الثرى يتخيّل
نَوْرٌ اذا مَرَتَ الصَّبا فيه النـــــدى ... خِلتَ الزَبَرجدَ بالفريد يُفصّل
فكأنـــها طوراً عيـــونٌ كُحّـــــــلٌ ... و كأنها طورا عيــونٌ هُمّــلُ
فاذا ما علمنا أن ابن عبد ربه مؤلف " العقد الفريد " قد ولد سنة 860 – 940 م ، فان ذلك يعني أن هناك فعلا ، شاعرا آخر ، حمل هذا اللقب من قبل ، و أن هناك مسافة زمنية لا تقل عن عشرة قرون ، تفصل بين الزمن الذي منح فيه الشاعر بشارة الخوري هذا اللقب ، وبين حياة المؤلف " ابو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه ".
رجعت الى عدد من كتب التراث ، علها تفيدني ، فلم أعثر فيها ، سوى على كتاب واحد ، ورد فيه هذا اللقب ، ينسبه المؤلف ابن المعتز في كتابه " طبقات فحول الشعراء " للشاعر" أبي الأسد الثعلبي " ( و الثعلبي ، نسبة الى ثعلب ، فخذ أو عشيرة .. ). حيث جاء فيه تحت عنوان " أخبار أبي الأسد الثعلبي " ما يقول :
" حدثني جعفر بن جندب ، قال : حدثني أبو زرعة الرقي . قال :
كان أبو الأسد الشاعر ، يشبه الأخطل في أيامه لجودة شعره . و كان " دعبل " الشاعر ، هجا " الحسن بن مرة " فغضب أبو الأسد ، للحسن بن مرة ، فكتب الى دعبل هذه الأبيات :
يا دعبل بن علي أنت في حسن ... كالكلب ينبح من بعد على الأسد
فاكفف لسانك عما قلت في حسن ... فقد رأيـــت له مثلي من العـــدد
فكتب اليه دعبل : لا أعود .
و اتصل الخبر بالحسن فبعث بخمسين ثوبا الى أبي الأسد " .
ثم يضيف الكتاب :
" و مما رويناه و اخترناه ( يقصد من شعر أبي الأسد ) :
روحي مقيـــم بين أثوابي ... مستوفـــــــز عن جسد نابِ
نحفـت حتى ما بي مسلك ... في جسدي مجرى لأوصابي
لم يبق الا حركات الهوى ... مني و عيـــــنٌ ذات تسكاب
من يرني يحسبني لم أمت ... أردّه في شكِّ مرتــــــــــاب
أي سقـــــامٍ و هوى فادحٍ ... و أي ضـــــرٍ حلّ أثــــوابي
لو لمسوني مــــلء أيديهم ... لم يجــــــــدوا غير أسلابي
لم يتحدث الكتاب عن أي شيء آخر يتعلق باسم الشاعر أو نسبه أو تاريخ ولادته ، أو مكان اقامته سوى ماذكر ، الا أنه يذكر أن أبا الأسد بعد أن اغتنى ، عاش في الجزيرة .. ثم يقول ابن المعتز :
" كان أبو الأسد الثعلبي حين ترعرع أخذ بقول الشعر ، يقول أصحابنا ( و مازال الكلام للمؤلف ) : كان غواصا ( يقصد للمعاني ) و ما زال كذلك ، حتى سمي الأخطل الصغير. ثم لم يبق الا يسيرا حتى لحق بالعسكر ، و مدح الملوك ، و أجزلوا له . "
تابعت البحث لعلني أجد ما يشير الى هوية صاحب اللقب أي عن .. الشاعر أبي الأسد .. ومن حمل هذا الاسم و عن شخصيته ، حتى استطعت العثور على أكثر من شخص يحمل هذا الاسم ، اثنان منهم على الأقل ، كانا شاعرين :
أحدهما مولى خالد بن عبدالله القسري .. أي أنه عاش في أيام الدولة الأموية ، أيام هشام بن عبدالملك والوليد بن يزيد بن عبدالملك .. و تحدث عن مقتل الخليفة يزيد .
أما الآخر .. و هو الأقرب الى أن يكون من نبحث عنه ، فقد ورد اسمه في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني ، يشير الى اسم أبي الأسد أنه " نباتة بن عبدالله الحماني " ، و هو من بني شيبان . و أنه عاش في العصر العباسي ويقول صاحب الأغاني ، ان أبا الأسد كان منقطعا الى أبي دلف ، ثم الى الفيض أحد وزراء المهدي . و قد أكد هذه المعلومات نفسها كتاب " اللألي في شرح أمالي القالي " لعبدالله ن عبدالعزيز البكري الأندلسي ، المتوفى 1094 ميلادية . و هذا يعني أنه كان معاصرا لكل من أبي تمام و البحتري و دعبل الخزاعي .. و الذي أشار ابن المعتز في كتابه ، الى أن أبو الأسد هجا هذا الأخير .
و نرى أن الشاعر الذي سماه صاحب الأغاني " نباتة بن عبدالله الحماني " ربما كان هو أول من حمل لقب " الأخطل الصغير " الذي تحدث عنه ابن المعتز في كتابه " طبقات الشعراء " . و الذي أورد ابن عبد ربه في كتابه " العقد الفريد " أبياتا منسوبة الى " الأخطل الصغير " .
....
بقلمي
خالد خبازة
اللاذقية