قوة حب
بين زوجين ريح الخلاف هبّت فهبت تشتكي لأمها : عذّبتني قيوده ، أنهكني أسره باسم الحب وأشياء أخرى ؛ ما أقساه حين يتكلم عن الحب . يحدثني كل يوم عن حبه وعشقه لي . كلماته تحطم قلبي تحرق آمالي ما عدت أحبه يا أماه. حدث مرة أن ضمني بشدة أملاً منه تأجيج المودة ونور الهيام لكن ما علن أن عناقه لي قد كسر ضلوعي وجعل روحي تتوق للخروج من جسدي لشدة ما احتملت من عذاب ، يحسبني أمه ولا يعلم أن قربه يقتلني . من فترة وجيزة كنا عاشقين يحلو الحب بيننا وننفق فيه الساعات والأيام أما وقد حل ما حل به من نفاق ودجل فقد صار يكذب اكثر من تناوله للطعام . أصبحت أكرهه وأمسيت أمقته .
شاب حليم ليس كالبقية من الشباب الطائش أراد أن يكون الاستقرار منهجه فأتخذ الصدق نهجا له وهذا ما اكسبه ثقة الجميع وزاد من طلب أمه المُلحّ بخصوص الزواج ولأن الأقدار تتماشى أحياناً مع رغبة الأمهات فقد أرسلت إليه الأقدار إحداهن – تمشي على استحياء – كان ذلك في أحد الأيام . فما انفكّ قلبه أن هام بها وما طفق يغني تراتيل الغرام بعدما نال من الهوى خير منال ولأن القدر تدخل وتمم ما أرادته الأم الرؤوم فقد تمت مراسم الزواج على عجل ودون قيود .
بعد الزواج كان الاثنان خير مثل للعشّاق ، فتيل الحب الذي ولد بينهما صار يزداد شعاعا ونورا كلما طال عليه الأمد ونال الشاب ما يصبو إليه من استقرار في العمل وزوجة عاشقة ومخلصة . ولأن دوام الحال من المحال فقد آثر الزوج التغيير على الروتين الرتيب الممل فدخل في صفقة إما أن تسمو به فوق السحب أو تهوي به في وادٍ سحيق . واأسفاه نال الخسارة وفقد ما جناه خلال فترة عمله فاستدان ليصلح ما أفسد سوى أن أموره راحت تزداد سوادا وجثم الفقر فوق صدره يكسر عظامه ويسحق فؤاده . صارت أيامه مكللة بالبؤس لدرجة أن الخلافات وجدت سبيلا إلى أسرته الصغيرة تجلّى ذلك بالكذب الذي اتخذه رداء ليخفي سوء ما نزل به من فاقة فطفقت زوجته من إفكه وتركت له البيت هائما ببؤسه وأساه .
ناجى الإله : دنيا مُتعِبة غَرِقتُ في بحورها وما بي صبر على إغراءها المتواصل ؛ ما كان لي حلم سوى الاستقرار بعيدا عن بنات الدهر فلا خير فيهن ؛ رصين ابتعد عن اللهو والعبث ولما راهن على النجاح أردته المغامرة في ظلمة لا قرار لها وتلك الأيام لا أدري أنتداولها أم تتداولنا . بالأمس القريب كنتُ أرقد قرير العين وها أنا الآن بي سقم يوجع الروح وتلك المحبوبة التي هجرتني عند أول محنة آه كم أحبها !!!!!
أعشق الثرى الذي تطئه قدماها ؛ على عجل غرقتُ في غرامها حتى ما بدا مني سوى عاشق عتيق مرت عليه السنين ، حد الموت أحببتها ، أحببتها للحياة وللأمل وللحلم كانت لي موئلا وسكنا ، أحببتها حتى مل الحب ، أحببتها كما يريد الحب أن يكون . كانت لي كما احلم بحواء وأكثر ؛ جعلتها قبلتي ، نبراس روحي وها أنا ذا خائب مكسور الجناح ، بي وجد لا يدري به إلّاك ، فقير العقل يأتيه الفقر من كل جانب حنانيك يا الله .
صبابة إلى الأمان تجتاحني ... من مناجاته أخرجه صوت الباب يقرع كان الطارق أبُ الزوجة وهي على يمينه يغشاها خجل . في مكان بعيد عن المدينة أودع الأب الزوجان في ركن قصي .
- ما كان ينبغي أن افعل ما فعلت لقد طغى عليّ الغضب الأنثوي وكرهت كذبك حينما تأكدت منه .
لدى سماعه لكلماتها غافلته دمعتان وفرت من مآقيه ، أكملت حديثها وفيه آيات الاعتذار والندم والحياء واستمرت دموع عينيه بالتساقط كما أمطار الربيع غزيرة . ختمت بطلبها الصفح . استفتح ببيان سبب كذبه عليها وقص عليها القصص وأخبرها عن أحلامه المغتالة وختم بأصدق العهود وأقسم بأنه لن يبخل في تقديم عينيه لها إن احتاجت لهما .
تعانقا وسرى بهم الوداد إلى القمر وإلى ما بعد القمر ومن هناك صارا نجماً يومض النور والسرور ينهل منه العشاق حبهم وبريقهم .
بقلمي
#الفقير_لله_خالد_حميدة
أعجبني