" الجريدة "
بين مكائدِ الزمنِ واسرار الغرفِ المنسيةِ ,خرجْتُ والريبة تنافسُني الدربَ, مابين عتمةِ صبحٍ ومدادِ صمتٍ أقتاتُ به عبر فضاءاتي المؤجلةِ...أقتنصُ حلماً من سراديبِ الحياةِ وفُتات أملٍ يمازحُني ويشدُ من أزري...
ضوءٌ قادني لغياهبِ المكان, لركنٍ مُزِجَ ترابهُ برائحةِ العفنِ ورطوبةِ الأوهامِ, بومةٌ وقفتْ على فننِ شجرةٍ, تنظرُ بحزنٍ وكأنها تحملُ إثما وخبرًا دفينا.. وهناك بين كومةِ الرمادِ جريدةٌ وُضِعَتْ بعنايةٍ بعيدةً عن أي صدفةٍ حملتْها الأقدارُ..بين طياتها خبرٌ مصلوب على أوراقِها الذابلةِ ..يلوحُ لي بيدهِ المكسورةِ وبقدمِه العرجاء يسيرُ بخطى واثقة نحو متاهةٍ بين دهاليزها سحابةٌ من دخانٍ أسود, تنذرُ بمفاجأةِ ما ستنفجرُ بوجهي بعد قليل..جريدةُ تناديني بصوتِها الرقيعِ وبين أوتارها شماتةٌ وفرح وعلى بحةِ صوتها يسكنُ الوجعُ... سطورٌ أقسمتْ أن تسْكرَ هذه الليلة على جرحي ..وبهذه الحروف ستودِعْنِي مقابرَ الخذلانِ وبين حروفها كفنٌ أبيض وشريطٌ أخضر وطيرٌ ذبيح تناديني وبين صداها ضحكةٌ وآسف ...كل الأبوابِ أُغْلِقتْ من خلفي وكأنها تدفعني للقراءةِ مابين شماتةٍ وتعاطف, مابين حزنٍ وترح, أدركتُ حينها أن الجريدةَ تحملُ خبرًا ساقتني الأقدارُ إليه, فضول يدفعني وخوف يمنعني, أمتدتْ يدي لتحترقَ بنار الجريدة غير آبهةٍ بكل ما فيها, تصفحتُها والروح في مهبِ صهيل ،تبحثُ عن جملةٍ تنعشُ الأوراقَ وتشعلُ بين مفرداتِها وميض سرٍ أخفتْه الأيام ...فلربما وجدتُه هنا بين السطور.. أو لعلهُ حلمٌ فسرتْه الأقدار ولو بعد حين.. أو...أو...وقفتْ عيني على خبرٍ للوهلةِ الأولى لم أفهمْه أو لعلني ما أدركتُه أو ربما رفضتُه .. خبرٌ يحتاجُ لألفِ عين والف نظارةٍ والف شخصٍ يقرأه معي , خبرٌ سقطَ على أرضي كتمثالٍ خزفي محطماً لشظايا جرحتْ تجاعيدَ الحبِ في وجهي ..و مزقتْ أوردةَ الودِ ونثرتْ بقاياه مذبوحةً على جدارٍ سكنتْه خفافيش الظلام...وقد حملَ بين طياته أصابع ذهبية تشابكتْ بفرح،ٍ ترسمُ عناقاً أبدياً لجسدين التحما بين أضواءِ الشموعِ وتحت سماءٍ أمطرتْ بالعازفين على موسيقى الولادةِ والموتِ, موسيقى عصفتْ بجسرِ الحبِ لتتركَه خراباً, موسيقى أحرقتْ ماتبقى للحبِ في معبدِ العشقِ.. لطيفٍ هاجرني لبعدٍ أخر بحثاً عن سلةِ رزقٍ وارض نكملُ فيها مشوار الحياةِ, لطفلٍ تركَه دون سؤالٍ , لبيتٍ تركَ نوافذهُ معلقة, لحلمٍ كاد الا يفسرْ..فهاهي الأيام تكشفُ مابثتْه أحلامي وماتركتْه آناتي...
تركتُ الجريدةَ والنار تسري في الضلوعِ.. والدمعة حبيسة المقل ...رفضَتْ أن تسقطَ هذه المرةِ على ذاتِ الخدِ الذي تركَ قُبْلَتُه الأخيرة عليه وغابَ مودعاً بوعدٍ غَلفَه القسم ورَدْهُ الخِداع, حملتُ روحي ونظرتُ حولي بعد خذلانٍ قصمَ الظهر, لأبحثَ عن هروبٍ لزمنٍ غير زمني ومكانٍ خلف الأحلام, البسُ فيه كل أقنعتي لأخفيَ ملامحَ غفلتي فبعد اليوم لا حياة دون أقنعة.
بقلم : منـال عـلان
25/8/2015
#منـال_عـلان
#حكايا_عشتارية