قصيدة بعنوان " ألمرايا "
ألمرايا وحوشٌ ينقصها قلبٌ و ذاكرة
كمنجاتٌ حزيناتٌ راقصاتٌ
على وترٍ بلا خاصِرة
يحرسُ مملكةَ أنوثةٍ عابرةٍ في صورٍ عابِرة
إجازةٌ صغيرةٌ لصغيراتٍ حائراتْ
يتدحرجنَ فوق سطحها الفضي
و هن يتحسسنَ حدائقهنَّ وقد تَفَحَّمتْ وردةً وردةً
ألمرايا لاجئاتٌ عالقاتٌ بين ذاكرتينْ
أدمتْ ثيابَها إبرُ السياجْ
تموجتْ ثم طارتْ على شكلِ دائرة
ألمرايا أولُ وآخرُ معلقةٍ تصففُ ضفائرَ الواقفاتْ
بين يديها ، و تنسى أن الفراغَ يملأها عن آخرها
و في فراغِها تركضُ خيولٌ
تركضُ خلفَ أحلامٍ تركضُ بأجنحةٍ فائرة
ألمرايا ...
بريئاتُ ناقماتٌ لذيذاتٌ قبيحاتٌ
جميلاتٌ حافياتٌ دافئاتٌ حالماتٌ
ناعماتٌ نديماتٌ ظالماتٌ بسيطاتٌ
حزيناتٌ خليلاتٌ عادلاتٌ غريراتٌ
قانتاتٌ شامتاتٌ بخيلاتٌ باكياتٌ
خائناتٌ صادقاتٌ كاذباتٌ راهباتٌ
في يديها مروحةٌ ترشُّ نهداً يحترقْ
على إيقاعِ نشوةٍ قبَّلتْ يدَ كأسٍ فاجرة
ألمرايا مساحاتُ شفاهٍ مُشبعةٌ بالندى
ربما تذكرتْ صغيراتِها البعيداتْ
و حينما أحستْ بالبردْ ...
أغلقتْ حولها ذراعَيها و نامتْ
ربما ماتتْ على وسادةٍ فاترة
غازلتْ حبيباتُ ضوء فجرِها المساءَ في قعرِ قدحْ
يُسلي كمنجاتٍ عاطلاتٍ ، ذبحتْ عازفاً كم من وترٍ ذبحْ ...
جميلاتٌ سيداتٌ قومٍ
سليلاتُ نكهةٍ كَبُرتْ بين يدي قوسِ قزحْ
جاملتْ يداهُ جميلاتٍ فوقَ رأسها تاجٌ عليه ريشةٌ من ذيلِ شبحْ
تنتظرُ شاعراً يمدحها
يحمِلُها على فرسٍ شفَّافةٍ
يُتوجها أميرةً على مملكةٍ شاغِرة
فلولا سقوطُ ريشتينِ من أجنحةِ المرايا
لما ولدتنا الآلهةُ كما تريدُ...طيوراً
تحملُ على ظهرها قائداً وجاريتينِ في حريمه
و لولا خروجُ المرايا عن معاني لونِها
لما سقطَ نرسيسُ في جحيمه
أو رأى امرأةً تجر حزنَها
ترشُّ ماءً بارداً على وجوهِ القرابينِ الساهرينَ
و هم ينتظرونَ أن تُفتح بابُ الآخرة
ألمرايا كائناتٌ غامضاتٌ
راحلاتٌ في وهمها بلا قدمْ
تقشِّر نشوةَ ليلنا بلا ندمْ
تصرَعُنا بضحكتها الساخِرة
هي تاريخٌ بلا ذكرياتْ ، تلبَسنا
تُذكِّرنا بالوجعِ الرفيعِ الوديعْ
نلهثُ خلفها ، وليسَ حولنا
سوى بقايا ضحكةٍ تنامُ في سلةٍ ماكِرة
ألمرايا إستياءُ الكبرياءِ من ذاتِها
تبكي على فحولةِ كمانٍ لن تعودْ
إلى جنةٍ حُراسها أميراتٌ صغيراتٌ
صنعنَ لها من كل ضفيرةٍ أرجوحةً
لها جناحُ عاصفة
خاصرَتْ يدُها يدَا دفٍّ و عُود
يرقصانِ على أحزانِها الطاهرة
ألمرايا قاطراتٌ ساخراتٌ ، قاطرةٌ تحملنا ...
و تتركُنا كالحقائبِ على الرصيفْ
و تأخذُنا ، قبل أن نَرتدي ملامحَنا قاطرة
وتلقي بعضامِنا بين يدي ربتينْ
ربةٌ تطلُّ علينا ،كي تطمئنَّ على سلالتِها
وربةٌ ليس لها من الأنوثةِ غيرَ الغموضِ و العصيانْ
و نحنُ رعاياها المترفينَ تأخذنا
إلى فرجةِ الموتِ الفسيحِ المريحْ
نَصقلُ معدنَ الوقتْ
نحنُ في المرايا ، نسيرُ في جنازتِنا
واقفينَ ٠٠٠ نتأبطُ أحزاننا كالقُربانْ
يحرسُنا النسيانْ
في عرسِ يتيماتٍ حزيناتٍ يبحثنَ عن قبلةٍ فاخرة
ألمرايا ذكرياتٌ نهدِ ظبيةٍ كسرتْ أسطورةَ نيسان
و اعتلتْ عرشها دقيقتينْ قصيرتينْ
و أسرَجتْ مُشطَها على ضفيرةٍ ثائرة
قالت إمرأة لنفسها ، المَرايا
كانت مَدفأتي
كانت مَروحتي
لكن مخالبَها الفضيةَ أدمتْ جبينَ جُرحي
و غيرتْ شكلَ و إسمَ نهدي
و أحرقتْ كل يومٍ ريشةً من أجنحتي
إنها المرايا خليلاتٌ لذيذاتٌ
لكن ...ينقصها قلبٌ و ذاكرة
الشاعر أحمد بوحويطا أبوفيروز
- المغرب -