أفول*****قصة قصيرة *****""البنيان المرصوص"" .********************* *** ظروف الحياة فرضت على الأسرة الصغيرة أن تهجر القرية وتسكن بيتا مستأجرا بعيدا عنها.وعن أهلها البسطاء.وتسكن بيتا بسيطا متواضعافي المدينة وسط حي خليط تقطنه أسر من كل المنابت والأصول والفئات والمستويات .لا يربطهم إلا الجيرة المفروضة رغما عن الجميع ...وكون الإنسان مدنيا بالطبع،فلا بد من عوز لأحدهم عند جيرانه يجعله يحتك به . . وفي هذا الخليط غير المتجانس ولا المتناسق ولا المنسجم اندمج أفراد أسرة أبي محمود بسرعة مع الجميع .فأبو محمود الذي يعشق السهر وجد كثيرين يشاطرونه ذلك لتدور حوارات ذات شجون وتشعبات بين كاسات الشاي وفناجين القهوة والضحكات ذات النغمات المختلفة.وأم محمود تنزف فراغات أوقاتها على الشرفات مع الجارات.وكثيرا ما تعبر الجارات عن تقديرها لأم محمود بتقديم صنف من الحلوى الشعبية على شرفها.أما محمود فكان ينهي دراسته المنزلية وواجباته البيتية ويحمل كرة القدم ويتجه للساحة خلف البناء الشاهق.فيلتف الفتية حوله ليقسمهم إلى فريقين .فينتشروا في الملعب البسيط برضى تام من الجميع. . ...........وكثيرا ما ينبه الرجل زوجته وابنه أن يتعاملا بأرقى درجات الطيب والحسنى واللطف مع الجيران .وكثيرا أيضا ما هدد وتوعد .وقد أقسم أنه سيوبخ الزوجة إذا توجه له نقد متعلق بها.وهدد بعقاب محمود بأشد إنواع العقاب وحرمانه من اللعب مع فتية الجيران. إذا اشتكى منه رجل أو فتى وثبت صحة الشكوى . . . أكل الدهر خمس سنوات من عمر الأسرة في ذلك الحي.استطاع خلالها أبو محمود أن يجذب انتباه الجيران.وينال ثقتهم واحترامهم وتقديرهم .وذلك لأنه كان ينتقي مفردات جمله القصيرة المجملة فيسكبها دررا في آذان سامعيه فتلاقي استحسانهم وتقبلهم لفحواها .وقد نال ثقة الجميع في الحي.فلا خطبة ولا عرس ولا فرح بنجاح إلا وكان أبو محمود واسطة المقدمة في الموكب المهيب.وكانت دمعته تسبق دموع أقارب المتوفى من سكان الحي ويتوسط المعزين.ولا ينجلي خلاف إلا بوجاهته الفاضلة اللامعة .وبحديثه الرصين الموزون كانت توضع نقاط الشتات في وعاء الوفاق والرضى والقبول.وكذلك كانت أم محمود بين النساء. . قال محمود مرة لوالده في جلسة عائلية :إن شبان الحي محترمون ويعاملونني بتميز ولطف واحترام .مع أنهم كثيرا ما يتخاصمون ويتضاربون ويتناعتون ببذيء الكلام.وأما معي فلا.ولم يفكرأحدهم يوما أن يوجه لي كلمة نابية .أو يخاصمني أو يتحرش بي.....فأكدت أم محمود ما أبداه محمود .موضحة مواقف النساء منها شبيهة بمواقف الشبان من محمود.فرد أبو محمود :صدقتما .ولكن احترامنا لأنفسنا وحسن معشرنا ولطف تعاملنا ونبل أخلاقنا وحملنا الفضيلة .كل ذلك فرض عليهم تقديرنا.واشتد الحوار بينهم .فالأم وابنها يرون نبل الجيران أولا وأخيرا.والأب يصر على نظريته:نحن الفاضلون نفرض احترام الآخرين لنا.وأخيرا قاموا إلى سررهم باتفاق على جس نبض الجيران بتمثيلية يقوم بها محمود غدا.وبعدها يتحدد الرأي الصحيح . في عصر اليوم التالي حمل محمود كرته وقسم الموجودين إلى فريقين واستثنى قسما منهم بعد أن نفر في وجوههم.وطرد خلال اللعب عددا منهم بأسلوب فج .وتأفف أكثر من مرة من بعضهم .وعرقل الكثير متعمدا .ودفع البعض بشدة مؤذية. وانتهى اللعب وغادر الشبان ضجرين متأففين من سلوك وممارسات محمود وأسلوبه الفج معهم.ونقلوا ذلك لأسرهم .وما إن بدأت السهرة التي كان يتوسطها أبو محمود حتى بدأ النقد والتذمر وكيل السلبيات لمحمود .وكشف سوء تربيته وإظهار صور سوداء يحملها ويمزجون كل ذلك بعدم ملاحظة الأب لمسلكية الابن .وإهمال الأم لتربية ابنها.وكان أبو محمود في تلك السهرة صامتا يتلقى النقد والتجريح والملاحظات السلبية ولم ينبس ببنت شفة. . وعاد إلى البيت باكرا جدا وجمع الأسرة ضاحكا وأخبرهم أن التمثيلية التي تم الاتفاق ليلة أمس على أن بقوم بها محمود في الملعب قد أثبتت صحة نظريته .قال محمود:غادر الشبان الملعب غير راضين عني بسبب سلوكي الفج معهم *وكلماتي الجارحة الموجهة لهم *وقالت الأم :لقد وقع محمود فريسة ألسنة نساء الحي هذه الليلة.وأنني لم أحسن تربيته *قال أبو محمود:احترام الناس لنا نابع من احترامنا أنفسنا***** * **/ انتهت /2015/10/7/خليل اطرير/الأردن/الرصيفة/00962788543834