الأخرق
لم يتبقَّ مِن الزمنِ ،سوى ما يقربُ من ثلثِ الساعةِ، خطُّ التليفون متهالكٌ،
نزلتٍ الدموعُ من عينيْه،فهو لا يدرِي ماذا يفعلُ،وقدتمكنَ اليأسُ منه،سرعانَ
ماارتسمت بمخيلته،صورة المأساة،بدأ جسمه يرتعشُ،أسنانُه تصطكُّ بعضُها
ببعض، نظرَ إلى السماءِ دبرْني ياربي، لا تتركْنى وحدي، كنْ معي، كنْ معى،
كن معِى،أصيبَ بلوثةٍ،خلعَ ملابسَه،قذفَ حذاءَه بعيداً،وكيفَ يخلعُ ملابسَه،
فى هذا الجوِّ الزمهريرِ، التقطَ صندوقًا صغيرًا بيدِه، وأخذَ يعدُو ويعدُو، بأقصَى
سرعةٍ، أخرجَ شيئا ًمن الصندوقِ، بصيصٌ من نورٍ، يبدُو من بعيدٍ، ارتبكَ أكثرَ،
أخذَ يهذِي، واشتدَّ الهذيانُ وبصوتٍ عالٍ، أخذَ يتمتمُ بآيةٍ قرآنيةٍ، لم يكملْها،
لم يستطعْ تذكرَها،وهو يحفظُ القرءانَ عن ظهرِقلبٍ،رمى بنفسٍه فى مصرفِ
المياهِ،صعدَ أعلَى الشجرةِ، وامتثالًا لحالةِ الجنونِ التى أصيبَ بها، تشتعلُ
ملابسُه، يرفعُها إلى أعلى، يلوحُ بها، يتوقفُ القطارُ على بعدِ خطواتٍ من
الكارثةِ وانقضاءِ الأملِ، والانهيارِ الأرضيِّ السحيقِ، و يعود إليه بعضُ وعيِه
ليجدَ نفسَه كما ولدتُه أمُّه دونَ غطاءٍ.
رمضان كامل