خطبة الامام السجاد عليه السلام في مجلس يزيد بالشام
أيّها النّاس مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لَم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي أنا ابن مكّة ومِنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن مَن حمل الركن بأطراف الردا ، أنا ابن خير مَن ائتزر وارتدى وخير مَن طاف وسعى ، وحجّ ولبّى ، أنا ابن مَن حُمِل على البراق في الهوى انا ابن من اسري به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى انا ابن من بلغ به جبرئيل سدرة المنتهى ، فكان من ربّه كقاب قوسين أو أدنى ، أنا ابن مَن صلّى بملائكة السّماء ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ، انا ابن محمد المصطفى أنا ابن علي المرتضى انا ابن مَن ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله انا ابن من ضرب بين يدَي رسول الله بسيفين وطعن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيعتين وصلى القبلتين وقاتل ببدر وحنين ، ولم يكفر بالله طرفة عين ، أنا ابن صالح المؤمنين ووارث النبيّين ، وقامع الملحدين ونور المجاهدين وتاج البكائين وزين العابدين واصبر الصابرين وافضل القائمين وافضل من مشى من قريش اجمعين انا ابن المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل انا ابن المحامي عن حرم المسلمين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين والمجاهد اعداءه الناصبين واول من اجاب لله ولرسوله من المؤمنين واول السابقين وقاصم المعتدين ومبيد الظالمين وسهم من مرامي الله على المنافقين ولسان حكمة الله وعيبة علم الله سمح سخي بهي بهلولا زكيا أبطحي رضي مقدام همام صابر صوام مهذب قوام قاطع الاصلاب ومفرق الاحزاب الاقواهم عزيمة واشدهم شكيمة يطحنهم في الحروب اذا ازدلفت الاسنة وقربت الاعنة طحن الرحى ويذروهم ذروى الريح الهشيم ليث الحجاز وكبش العراق مكي مدني خيفي عقبي بدري احدي مهاجري من العرب سيدها ومن الوغى ليثها وارث المشعرين وابو السبطين الحسن والحسين ، ذاك جدي علي بن أبي طالب (علهم السلام). أيها الناس: أنا ابن عديمات العيوب انا ابن نقيات الجيوب انا ابن من كسا وجهها الحياء انا ابن فاطمة الزهراء ، وسيّدة النّساء ، وابن خديجة الكبرى . أنا ابن قتيل كربلاء انا محزوز الرأس من القفا انا ابن العطشان حتى قضى انا ابن طريح كربلاء انا ابن راسه على السنان يهدى انا ابن من اهله من العراق الى الشام تسبى .
فلمّا بلغ إلى هذا الموضع ، ضجّ النّاس بالبكاء ، وخشي يزيد الفتنة ، فأمر المؤذّن أن يُؤذِّن للصلاة . فقال المؤذِّن : الله أكبر . قال الإمام (ع) : (( الله أكبر وأجلّ وأعلى وأكرم ممّا أخاف وأحذر )) . فلمّا قال المؤذِّن : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، قال (ع) : (( نعم ، أشهد مع كلّ شاهد أنْ لا إله غيره ولا ربّ سواه )) . فلمّا قال المؤذِّن : أشهد أنّ محمّداً رسول الله قال الإمام (ع) للمؤذِّن : (( أسألك بحقّ محمّد أنْ تسكت حتّى اُكلّم هذا ، والتفت إلى يزيد وقال : هذا الرسول العزيز الكريم جدّك أم جدّي ؟ فإنْ قلتَ جدّك علم الحاضرون والنّاس كلّهم إنّك كاذب ، وإنْ قلتَ جدّي فلِمَ قتلتَ أبي ظلماً وعدواناً وانتهبت ماله وسبَيت نساءه ، فويلٌ لك يوم القيامة إذا كان جدّي خصمك .