معانى الحسن وحقيقته .
.وأن النبى صل الله عليه وسلم كان فى الذروة العليا منه …….لا تدرك حقيقة الحسن والجمال الا بالوصف ..وقد قيل = انه تناسب الخلقة واعتدالها واستواؤها . ورب صورة متناسبة الخلقة .وليست فى الحسن هناك ….وقد قيل = الحسن فى الوجه والملاحة فى العينين . وقيل =الحسن أمر مركب من أشياء ….= وضاءة وصباحة وحسن تشكيل وتخطيط ودموية فى البشرة .وقيل = الحسن معنى لا تناله العبارة . ولا حيط به الوصف … وقد كان رسول الله صل الله عليه وسلم فى الذروة العليا منه …… ونظرت اليه عائشة – رضى الله عنها – يوما ثم تبسمت ….فسألها مما ذلك ؟ فقالت = كأن أبا كبير الهذلى انما عناك بقوله …….= ومبرأ من كل غبر حيضه * برقت كبرق العارض المتهلل …واذا نظرت الى أسرة وجهه * ولم أتبطن كاعبا ذات خلخال ….ولقى بعض الصحابة راهبا ..فقال = صف لى محمدا كأنى أنظر اليه فانى رأيت صفته فى التوراة والانجيل …..فقال = لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصير .فوق الربعة .أبيض اللون مشربا بالحمرة جعدا ليس بالقطط ( القطط شديد الجعودة ) جمته (مجتمع شعر الرأس ) الى شحمة أذنه . صلت ( أى عريض ) الجبين …واضح الخد .أدعج ( أى شديد سواد العين الذى فى البياض ) العينين ….أقنى الأنف .مفلج الثنايا ( أى منفرج الأسنان ) .كأن عنقه ابريق فضة .ووجهه كدارة القمر ..فأسلم الراهب …..ووصفه هند بن أبى هالة قال = لم يكن بالطويل الممغط ( الممغط أى المتناهى فى الطول ) . ولا بالقصير المتردد .كان ربعة من الرجال .ولم يكن بالجعد القطط .ولا بالسبط (السبط هو الممتد ليس فيه تعقد ولا تثن ) .ولم يكن بالمطهم ( المطهم من الأضداد فمعناه السمين وأيضا الهزيل ) .ولا بالمكلثم ( القصير الحنك الدانى الجبهة ) .وكان فى الوجه تدوير .أبيض مشرب أدعج العينين .أهدب الأشفار ( أى طويل الأشفار ) …جليل المشاش ( العظيم رؤوس العظام ) والكتد ( الكاهل وما يليه من الجسم ) .شئن الكفين والقدمين ( يعنى تميلان الى الغلظ ) .دقيق المسربة ( الشعر مابين اللبة الى الصرة ) . اذا مشى تقلع كأنما ينحط من صبب .واذا التفت التفت جميعا …كأن الشمس تجرى فى وجهه … وكان صل الله عليه وسلم مع هذا الحسن قد ألقيت عليه المحبة والمهابة .فمن وقعت عليه عيناه أحبه وهابه ……وكمل له الله سبحانه مراتب الجمال ظاهرا وباطنا .وكان أحسن خلق الله خلقا وخلقا ..أجملهم صورة ومعنى ……..وهكذا كان يوسف الصديق عليه السلام .ولهذا قالت امرأة العزيز للنسوة لما أرتهن اياه ليعذرنها فى محبته = فذلكن الذى لمتننى فيه – يوسف 32- .أى هذا هو الذى فتنت به وشغفت بحبه .فمن يلومنى على محبته وهذا حسن منظره ؟ ثم قالت = ولقد راودته عن نفسه فاستعصم – يوسف 32 – أى فمنع هذا الجمال. فباطنه أحسن من ظاهره ……فانه فى غاية العفة والنزاهة والبعد عن الخنا …….والمحب وان غيب محبوبه فلا يجرى لسانه الا بمحاسنه ومدحه …ويتعلق بهذا قوله تعالى فى صفة أهل الجنة – ولقاهم نضرة وسرورا – الانسان 11- فجمل ظواهرهم بالنضرة وبواطنهم بالسرور ..ومثله قوله – وجوه يومئذ ناضرة . الى ربها ناظرة – القيامة 22-23- فانه لا شئ أشهى اليهم وأقر لعيونهم .وأنعم لبواطنهم من النظر اليه سبحانه .فنضر وجوههم بالحسن .ونعم قلوبهم بالنظر اليه … وقريب منه قوله تعالى – وحلوا أساور من فضة – الانسان 21 – فهذه زينة الظاهر ثم قال – وسقاهم ربهم شرابا طهورا – الانسان 21…أى مطهرا لبطونهم من كل أذى .فهذازينة الباطن ……ويشبهه قوله تعالى – يابنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا – الأعراف 26-……. فهذا زينة الظاهر . ثم قال – ولباس التقوى ذلك خير – الأعراف 26-…… فهذا زينة الباطن ..وينظر اليه من طرف خفى قوله تعالى – وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا – فصلت 12- فزين ظاهرها بالمصابيح .وباطنها بحفظها من الشياطين ….. وقريب منه قوله تعالى -وتزودوا فان خير الذاد التقوى – البقرة 197-.. فذكر الزاد الظاهر والزاد الباطن ..وهذا من زينة القرآن الباطنة المضافة الى زينة ألفاظه وفصاحته وبلاغته الظاهرة ..ومنه قوله تعالى لآدم – ان لك ألا تجوع فيها ولا تعرى . وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى – طه 118-119- ….فقابل بين الجوع والعرى دون الجوع والظمأ ..وبين الظمأ والضحى دون الظمأ والجوع …فان الجوع عرى الباطن وذله والعرى جوع الظاهر وذله فقابل بين نفى ذل باطنه وظاهره وجوع باطنه وظاهره والظمأ حر الباطن .والضحى حر الظاهر .فقابل بينهما …..روضة المحبين ونزهة المشتاقين لابن القيم بتصرف