قصيدة / ابتسامه الصياد
وانأ عائد إلى كوخي ...
وجدت وشاحاً معطراً ...
وعلى بعد أمتار سيدة جميلة ....
تمشى هائمة على ماء البحر..
يفوح منها نفس عطر الوشاح ..
تمهلت في خطوتي ورائها ...
حتى انهل من منبع العطر ...
ألحت لها بالوشاح مبتسماً ...
مدحتها في شاعريتها ....
ابتسمت في خجل ...
وأخذت الوشاح ورحلت ...
دخلت كوخي المعانق للبحر ...
أفرغت الشاي والسكر ...
وأخذت أنظف سله السمك ...
فوجدت شئ غريب ...
وجدت ابتسامة الهائمة ...
ربما وقعت خطاء في سلتي ...
وجاء المساء ودخل القمر بضوئه ...
يتلصص على كالعادة ...
الفضول يقتله ليعرف سرى...
أغلقت النافذة بإحكام ...
دخل من عتب الباب....
رميت سدود شباكي علية ...
اخترقت ثناياه ثقوب سقفي ...
سلمت أمري للقمر ...
وفجاه التصقت الابتسامة بفاهى ..
ابتسامة سيدة جميلة ثرية ....
نمت وبكرت للصيد كالعادة ...
ولكن كنت مبتسما نشيطا جداً...
ساعداي قويتان مفرطة الحماس...
الدم يتدفق في جسمي بشكل عجيب ...
كأني كنت أعدو المارون ووقفت فجاه ...
نظرت بحقارة لسريري القبيح ...
ارتديت ملابسي البالية ....
ركبت البحر ورميت الشبك...
أصدت مائة سمكة إلا سمكة ...
فالمائة لم يكن طولها متراً كالباقيات....
وبعت السمكات كلها إلا واحده...
احتجزها لضيف لطيف ......
هرة اخجل هذه المرة أن أردها ...
وابتعت أساسا جديداً...
وملابس نظيفة بألوان قزح ....
واشتريت مرآه بإطار ذهبي ...
كانت نفسي تطوق إليها ....
وذهبت للبيت مبتسما ...
مثل طائر الوسيم زو الأجنحة الكبيرة..
لأول مرة في عمري أبتسم ...
وكان الدنيا أعارتني انتباهها...
وجازتني بعدل وابتسمت لي ...
الرزق زاد وبركه عمت كوخي ...
مرت عدة أسابيع ببكارة الربيع ...
لكن دوام الحال من المحال ....
ومن أمن غدر الدنيا هلك ...
جاءت صاحبة الابتسامة ...
تريد أن تسترد أمانتها....
قالت ردى إلى ابتسامتي ....
رجوتها وتوسلت إليها ....
استحلفتها بكل ما هو مقدس.....
رفضت بإصرار وعناد ....
قالت ألا تستحي ؟؟؟؟
تخرج بابتسامتي على الغرباء ....
الكل يسال عن ثرائك ...
القرية لا حديث لها إلا عنك...
الم يسألوك عن صاحبة الابتسامة ....
أيرضيك أن تبنى بيتك على أنقاضى..
سل ما شئت ولكن رد إلى حاجتي ...
أحرجتني كلماتها الملهبة ...
فوافت ولكن بشرط ....
إن تحتس معي فنجان شاي...
رفضت بشدة وقالت إنا زوجة الحاكم...
ولو علم سيقتلني وسيخفيك ...
سيحرق كوخك ويتهم البحر فيك ...
وأنتصر إصراري أمام رفضتها...
وافقت ولكن على مضض ....
ثم أخذت أعد الشاي على مهل...
وأشعلت حطباً طرى...
وأحضرت فنجاني اليتيم....
واحتست منه الشاي ...
حدثتني عن إهمال زوجها وبطشه ...
فحدثتها عن حماقاتي مع السمك ...
ونوادر الصيادين في البحر ...
ويوم انزلقت قدمي بسبب سمكه ...
فتمسكت بقاربي فغرق بالشبك ...
ابتسمت وضحكت نعم ضحكت .....
ضحكتها كأجراس الكنائس ...
كالآذان كإعلان دين جديد ...
لأول مرة امرأة تضحك في بيتي ...
لأول مرة تسامرني أنثى ...
تشاطرني يومي وحكاياتي ...
أنثى معجونه من دم وطين ...
لأول مرة احد يترفق بى ...
ويمسح على راسي المسكين ...
تعانقت أعيننا للحظات ....
فكلانا هيكل فارغ لا احد يشعر به ....
طفل أهوج يبحث عن أخيه ...
ورحلت وأخذت ابتسامتها معها ...
ووقعت منى سيجارتي فانحنيت لالتقطها...
فوجت ذكرياتها ملقاة على الأرض ...
كل شئ نظراتها حديثها ضحكتها ...
يا ويحي لقد استبدلت الابتسامة بالذكرى...
فابتسامتها حلوه أم ذكرياتها مرة...
وإلى اللقاء في الجزء الثاني ذكريات الصياد .....
شعر / عبدالرحيم زيادة
صورة عبدالرحيم زيادة.