قصيدة بعنوان " أجيبي هل أحبكْ ... ؟!
رأيت أبي عائداً إليكِ إليه
واقفاً قرب ظلهِ ، يشحذُ جواده
خائفاً من ظلم الصدى
بناياتهِ يكتب وصيته لأقحوانة
تعثرت بين أقدام الشجرْ
يدس تينكِ في السحابِ في انتظار المطرْ
ومن شقوقِ وسادته تنز عصافيرُ ضامرةً
على جيد أمسهِ حلقتْ أبابيلَ
تعيدُ موجةً إلى سحابةٍ أتعبها السفرْ
يذكر مجد آلهةٍ ، تعد على أصابعها خطيئاتها
وحين تخطئُ ، تمدح أخطاؤها صبرَكْ
لم يكن ضيفاً على مطرٍ تفتق من جبين غمامتينِ
ولا سيوفهُ شمرت عن مفاتنها
وباعت زكاة ضَحكتِها في المزادْ
لم تكن سوى ما كنت فينا ، قالت حطباً للذهابْ
ذهاباً مُشرِكا بما رسمتهُ أَصابعُ السرابْ
وخارج فائدةِ الكلامِ ، لست وثنا يؤثث عشاءنا
لنمدح خليلةً اختزلتْ ضحكتها
خوفَ القمر من شبحٍ قد يصنعهُ السحابْ
خفيةً يهرب حروف نبضه
من شرود النهار في لغةٍ يحذرها من ثرثرة العتابْ
و يجبر الأيائلَ كي يسعفَ فجرها فجرَكْ
واستطاع القلبُ حين خذلته حرفة الأولياء
أن يقبل خلسة خدود دالية بذنوب خمرتها اعترفتْ
و قالت لكَ الحمدُ
على خد الحبيبِ حط الغروبُ كبائرَهُ
و رمت هواجسُنا معاطفها
تجافي فرسا ، ترفَّع عن رجسها الصهيلُ
يقدح ما تبقى فينا ، خديجَ المصابيحِ
وبعون المدى ، يرد عويل البساتين ِإلى نكهتها
ويرقبُ بعد الصلاةِ انسلال حلمٍ من كسلِ الرعاة
لم تكن عزاءً باذخا تناسلت فراخه بين يديكْ
لأحتفي بلذيذ حزننا عليكْ
ثم أخفي في ربيع هجرتك قافيةً ، ثكِلَتها الظنونُ
أومأت لجملةٍ أربكت ترف النحاة
فسولت لها خواطرها أن تُشنف بالعزاءِ طُهرَكْ
و تلسعني موجةٌ على بعد أنتينِ من أمنيتي
بين يديك تختصمُ- لها آلهةٌ أخذتها سِنةٌ
لها شحوبُ السحابِ حين يبتسمُ
لها حصةٌ من هواجسِ طفلةٍ ، داهمها المساءُ تلعبْ
لها عطشُ العذارى حين تُقبلني
لها حكمةُ اليمامِ حين يقتسمُ
حبةَ القمحِ ، وتحضرني بلاغةُ المرايا
تخونني زينتي ، على مرأى من مدامعِ الحقولِ حين أحبكْ
أنا صرت نبياً ، أنا عاتبني بعد الغروب خمرَكْ
أجيبي هل أحبكِ
وأغمضي ضلوعك قليلاً ، حول أنةٍ توعدت حلماً
كلما ظن بنا الهلالُ سوءً ، وغني
"هاليلويا ، حلالٌ دمُ الفراشِ على الفتيلِ حلالٌ ، هاليلويا "
ربما يمدحُ شعورَ نخلتنا السغبُ
أراكِ على ثغر البيادر حفنة ضوءٍ
تدس بين ليلتينِ غامضتينِ بدرَكْ
أجيبي هل أحبكْ ...!
إذا تدفق الغروبُ من وريدِ ظُنوني
كسولاً ، أو تبرأ من جنوني
أو تعافتْ ربةُ الشعرِ من شجوني
أنا لم أزلْ أرى أمي في المنامِ تحملُ صخرَكْ
هل أحبك، أجيبي وهل أتعب آلهتي الكلامُ
فناموا ...!- وصبي قليلاً من صباح اللوز على شرفتي
تطير فراشاتنا أتراباً من رئة ناينا- وهزي إليك مظالمَ السنابلِ
ونامي واحة شكٍّ ، بيني وبينكِ
تبنت أغنيةً ، تلعثم من شدة بياضها الملامُ
يصادرني حِلم ُقوافلَ عشقٍ لم تلديها
يؤلمها لغز قطرة عطر على حافة نهد ، تأبط غصتهُ
وحين ضمني نكس أظافر أيقونةٍ كان يعبدها الظلامُ
خذلتنا البسوسُ ، خذلت ِوزرَكْ
أنا حفيد حروفك الأولى ، مدوناتُ أبي لأحلام اللوز ، تعمدني
وترفث الطيور حين تقول ليس لطعم البيوت ذاكرةً
تحضُّ كمنجةً على الصبرِ ، إذا يعصرها الغرامُ
أهنئ قطيعَ عينيكِِِِ الجائعتينِ العائدتينِ
من زفاف هجرتنا إليكِ
من غربتها صنعنا قبلتينْ
إحداهن من سعير شرعكْ
سألتني عن خريف عرشكْ
هل سنرضى بأي لامية ، إذا وبخ الهلالَ الغمامُ
رأيت أمي في باحةِ النهار ترسمُ ثغرَكْ
فلا قتارةَ قالت خالفت عقيدةَ سنبلةٍ
عاتبتْ سيرةَ حزنِها السيولُ
ولا نهرَ أحمل نواياه على كتفي
يُسلي دهشتي ، فتندمل السهولُ
فأستنشقُ مِلْءَ جفونها طُهرَكْ
أجيبي هل أحبكْ ... !
هنا بعيداً عن جفاءِ الصحراء ، غداً كما تراني
واضحةً كخوفِ العصافيرِ من حماقات نيسان
فلا أغنيتي أهدرت دم هدهدةٍ
ولا حالفتْ قتارةً حالفها الظلامُ
سلامٌ لشهرزادَ القبيلةِ
وهي تبرر بقائي ضد نفسي ، لأعلو قليلاَ
سلامٌ لشهرزادَ البديلةِ- سلام على خادمة الغروبِ
يظللها الزَّنجبيلُ . سلامٌ عليها ، عليك السلامُ
تحرّر إلياذتي من لغو الحنينِ ، وغدرِ أحلامنا
وبرّأتْ قلباً ، تطاولَت ناياته على دمعة حاصر رمشها الغرامُ
هل أكذبُ الأساطيرَ التي صدقت سِحْرَكْ
ضعي بتولك جانباً واحتجاجَ الشهيدِ
على أجْره حتى أَفرَغَ من قبلةٍ
بدأتها منذ تحرشت بعينيك براءةُ الياسمين أو ما يزيدْ
سأحتاج إلى وخزةٍ من ريش قمحكِ
لكي أرد خاتمتي إلى غايتها ، كما تريدْ
أحبكَ قالت ما استطعت إليك سبيلاَ
فلا أولياؤنا قالت كرامتُهم تعيش طويلاَ
ولا كبرياءُ ناياتنا غلَّقت بابها في وجه النهوندْ
فغيرت وجهة هواجسنا
ولا فرسي كان من قبل بغيا ، ولا ضلَّ سبيلاَ
رفعنا صوتَ أمواتنا قليلاَ- ما دور الحبيبةِ
اذا لم تحالف أنوثتها نزوةَ الحبيبِ
ما دورُ القناعِ للقناعِ
ما حكم انقلابِ الياسمينِ على السياجِ
وما دور البراقِ بعد الرحيل المقدسِ ...
ونحن ماتزال أنوثةُ ولادةَ تؤثت جرحنا
كلما توقفت عصافيرُ غربتنا عن الغناءِ
بنت عرشها حيرتنا
و أسندت فؤادها الى فؤادي متعباَ
أرتب زينتي قالتْ هنا على الأريكة ليلةٌ
تجلس القرفصاءَ كالأميرةِوفوق مسودةِ حلمي رأيت حرباً
بين تينتين حول نسب الزبيبِ
ومن ضفائري أنزلت حدائقَ غُلْباَ
لتنسى...وكواعبَ من كلِّ جنسِ ومغفرةً
فلا هنا أنا قالتْ- ولا أنا من رعاياكْ
و لا خطاياكْ ، تجبر خاطر حلمي إذا أحبكْ
أنا هنا نَعَتْني غربةُ الشرفاتِ
بمفرداتِ عاشقةٍ ملت شغبَ الحنينِ
سأقترفُ الزهور ذاتَها
لأحمي رفاتكَ من وجع الرحيلِ
وأوبخ نخلةً رمتْ على ضريحِنا شركِ المغيبِ
يوم تعود القبراتُ إلى مجدها
تُردد ما قالتْ مناديلكِ قبل الوداعِ
و تطعمكَ الخزامى صلاتها على شرفِ الغريبِ
هل أحبكِ ، أجيبي..!
فلا تبتْ سباياكِ
ولا تبتْ نواياكِ
أجيبي هل أحبك... !
هل أحبك أجيبي ... !
أم أَوْجَعَتْ ريشاتُ أزهارنا ظُفرَكْ ...!
للشاعر أحمد بوحويطا أبو فيروز
* المغرب *