الشاعر محمد حمدي غانم مع الشاعره هويدا حسين أحمد و49 آخرون
طفلٌ بلا وطن
عجبًا: بموتِكَ كيفَ زِدتَ براءةً = وغفوتَ بينَ الرملِ والأمواجِ؟
تَستقبلُ البحرَ الذي سامحتَهُ = عن لَفْظِ سِرِّكَ حينَ كُنتَ تُناجي
نَمْ يا صغيري ما مكانُكَ ها هنا = في خُلْدِ رَبِّكَ ما فُؤادُكَ راجي
هذي بلادٌ لا تُحبُّ طُيورَها = قد زُيِّنَتْ للشرِّ والأعلاجِ
وبرغمِ قَسوتِها تُقبّلُ أرضَها! = منها بدايةُ رحلةِ المِعراجِ
أحسنْتَ ظنًّا مِن نقاءِ سريرةٍ = ما كنتَ يومًا لاعنًا أو هاجي
أأراكَ لا تَدري بأنَّكَ ميتٌ = والحالمونَ بلقمةٍ وعلاجِ
حتّى زنيمُ القصرِ يَحفظُ عَرشَهُ = وسبيلُهُ دَمويّةُ الحَجَّاجِ
وحثالةُ الأعرابِ دُونَكَ أغلقوا = عادينَ بابَ الغَوثِ بالمزلاجِ
ما كفّنوهُمْ حينَ ماتَ شعورُهم = غِيدَ القصورِ وساكني الأبراجِ
شربوا خمورَ الدمِّ في لذّاتِهم = في غيِّهِم ضلّوا عن المِنهاجِ
وبلادُ أوروبا حُرِمتَ لُجوءَها = عنها مُنِعتَ بحاجزٍ وسياجِ
كلُّ الملوكَ رَموكَ حينَ رأيتَهمْ = سُودًا عرايا في قُصورِ زجاجِ
فهمستَ في دمعٍ لنومِ ضميرِهم: = "فلتقبلوا أسفي على الإزعاجِ"!
لم يَبقَ غيرُ البحرِ، حينَ بَثَثْـتَهُ = شَكواكَ رَدَّ بِعَصفةٍ وهِياجِ
لم يَدْرِ شوقًا حينَ ضمَّكَ أنّهُ = أجرى عليكَ الحُكمَ بالإفراجِ
أتريدُ أن تَقضي اختناقا مثلما = سبعينَ نفسًا كُدِّسَتْ كنعاجِ؟
أو كنتَ تُصبحُ مِن عبيدٍ حُلمُهمْ = أن يَعلِفُوهم في حظيرِ دجاجِ؟!
يا بِئْسَ مَنْ عشقوا الحياةَ ذليلةً = هَلَكَ الجميعُ وأنتَ كنتَ الناجي
نَمْ يا صغيري ما مكانُكَ ها هنا = وغدا يجيء الصبح بالإبلاجِ
محمد حمدي غانم
2/9/2015
#غرق_طفل_سوري