كاساندرا، بقلم يوسف ماجد نايف
اُنظُر إلى وجهِ الغريبِ بدقةٍ
هو ليس والدَكَ
الوجوهُ تشابَهَتْ
تبدو الأيادي مثلَ غاباتٍ
رؤوسُ الناسِ رأسٌ واحدٌ
وأمامَ عينيكَ السلاحُ أو القلم
وكلاهُما - لَكَ - أتفَهُ الأشياءِ
لستَ غمامةً، أو فأرَ تجربةٍ،
ولستَ الآنَ آليَّاً ولا مُتديِّنا جداً
ولكن كم يرَونكَ هكذا
كم تكرهُ التفكيرَ بالبشَرِ...
السخافةُ أن تعود إليهِمُ
والأسخفُ الهربُ - الذي لم تخشَهُ إلا لقلبِ أبيكَ -
كيف؟.. وكيفَ تقطَعُ ذلكَ الحبلَ الغليظَ؟
وأنتَ مرهونٌ بأعيُنِهم، بأفئِدةٍ بداخلِها زيوتٌ
أو يُغشِّيها حديدٌ، أو مساميرٌ..
أما أبصَرْتَ كيفَ - إذا تحدَّثَ بعضُهُم -
يلوُونَ ذاكَ الفَكَّ مِن فرطِ الغباء؟
وأنتَ تدخلُ غرفةً - كم صرتَ تكرَهُها -
وقبلَ النومِ... فَكَّرْتَ،
استفاقَ القلبُ كالتنِّينِ
قلتَ: [لمَ التَّعجُّلُ دائماً؟
كم أكرهُ الأغصانَ والشايَ المُصفَّى الآنَ،
أكرهُ ذلك العطرَ، اللوائحَ، أكرهُ التعبيرَ
عن غضبي بصمتٍ، أكرهُ التفكيرَ بالماضي،
وأكرهُ غرفتي جداً، وأقلامَ الرصاصِ،
وأكرهُ التَّركيزَ في ما ليس يعنيني وينفعُني،
وأكرهُ كلَّ شيءٍ! كلَّ شيء!]
في الساعةِ الأولى من الليلِ المُرصَّعِ بالنجوم الميتة
تأتي الرسالةُ من كاساندرا:
[ لا تقُل شيئاً..
ولكنْ إن تقابلْنا فعانِقني، ومازِحني قليلاً،
غنِّ لي إن شئتَ،
وارحَلْ،
نحنُ لم نذبُلْ
ولم نُصهَرْ برغمِ الشمسِ
لا تيأسْ،
كاساندرا.]