الــــــــوداع
يختلج في جنبات صدري احساس ما كان لي عهد به قبل هذا،و لم أدر كيف وصل الي يتختل كمفترس يداهن طريدته حتى امتلكني مجتثا مخالبه في كياني انه الرحيل من عيشي المألوف الى المبهم من الألم واليأس الى غاية لا أعرفها و لربما كانت أشد قسوة و ألما.
اني كنت ما كنت أكره في هذه الحياة هو ترك أحبابي و أصدقائي و أرضي و أرض أجدادي كما فعل الكثير من بني جلدتي الذين فضلوا رتق أكفانهم و حفر قبورهم في غربتهم على البقاء هاهنا من أجل المال أو الجمال ظانين أنهم سيملكون ذلك المصباح السحري الذي يخرج منه مارد يأتمر لأمره فيهبه كل ما لذ وطاب ، وسرعان ما يفيق على حلم مزعج يعكر له صفو حياته فاذا به لم يحصل على ما كان يرجو و لم يدرك ما كان يتمنى،فلا هو آت حاملا خيبته مضحكا أقرانه عليه و لا هو باق هناك بلا هوية و بلا معين.لكن سرعان ما اكتشفت أن الفاقة و الذل يحملان صاحبها الى الغوص في بحر غائر مظلم كسرداب تحت الأرض أو كسجن يكسوه الدجى من كل جانب،فحملت على نفسي عهدا أن أتمرد على الماضي بأن أطوي صفحته الى الأبد و أرمي به الى اللانهاية لكي لا أرمقه بطرفي و أتذكره،فلقد نال مني التذمر ما نال فلا راع حمل على نفسه التكلف برعيته و عدل بما حكم ولا رعية كدت و تعبت من أجل ارضاء نفسها و رفعت من شأنها و من شأن هذه الأرض التي تحيا بدماء شهدائها الذين خيبنا ظنونهم و نكسنا لواءهم و تركناهم يندبون تضحياتهم بدلا من سعادتهم بالجنة التي ينتظرون.
آه و آه يا بلدي فمنظرك و هو يهوي يتصدع له فؤادي و صورتك التي استحالت اليها تحملني على هجرك فما لي القدرة على أن أبق حذاءك و أنت تستعبرين و تدمين فلا استطعت أن أكفكف دموعك و لا أشفي جراحك.
دعني أرحل يا من تحبني فلا أظنك راض بما أنا فيه من يأس فعلي أرتاح في نومي فتغادرني كوابيسي أو أرقد رقادا أبديا مرتاحا من الخائنين أرضهم و شهداءهم........
............................................بقلم:بن عمارة مصطفى خالد.