في مطلَع أكتوبر من عام 1998 كانت جفوَةٌ أسالَتْ على قَلَمي هذه التَّنَهُّدات :
عُـودي فــــما انبَـــعَثتْ ألحــانُهُ عودي
مُنـــــذُ ارتَحَلــــتِ وجافَتنـي أغـاريـدي
قَــــدْ صَوَّحَ الهَـــجرُ أزهــاري وبَـرَّحَ بي
حَـرُّ الرَّجـَـــــاءِ ومــــا رَفَّـــت أمالــيدي
واستَبدَلَ الـــدَّمعَ بالأفراحِ مِنـــهُ جَوًى
مِــلءَ الجوانِــــحِ ثَـــرًّا غَيــرَ مَشهـــودِ
يــَـــا أُنــسَ ذاتي وكَأسي لِلــرَّواحِ إذا
أعيـَـــا الشَّقاءُ ومَرســـاتي وموعودي
ورَائِــــــــدي لِلــــــرِّضا إن راغَ بي أرَبٌ
وأَسْلَـــــمَ السُّهْــدُ آمالــي لِتَنهيــدي
مُذْ غـَـابَ وجْهُـــكِ عَنْ عَينَيَّ فارَقَني
طِيــــبُ الـرُّقــاد وأَضوَتْني مساهيدي
واسْتَصحَبَ النَّـــوحُ أشواقي ودَرَّجَني
مِـنَ المَواجِــــعِ عِربيــــــــدٌ لِعِربيــــــدِ
أُولِي النَّـدِيَّ مَراحًــــا غَيــــرَ ذِي مَرَحٍ
وعـاصِفُ الهَمِّ ضَــــــارٍ في تَجَـــاليدي
وألتَقي الصَّحبَ طَلــقَ الوَجهِ ذا لَهَـفٍ
جَمِّ النُّـــــزاءِ كَظيـــــمِ الوَجدِ مَحشودِ
عُودي عَدَدتُــــكِ ذُخري عِنْـدَ جائِحَتي
ومُرتَجــــايَ إذا أعيَــــتْ مواجِيــــــدي
ما إنْ سَلَوْتُ رُضــــــابًا كُنـْـتُ أرشُفُـهُ
أندَى على القَلــــبِ مِنْ صَفوِ العناقيدِ
ومــــا سَرَى النَّـسمُ إلا خِلـــتُهُ أرَجًــا
مِنْ نـــَــاهِدَيْكِ ونَفحَ النَّحرِ والجِيــــــدِ
لَو رَفَّ بالـقَفْـــــرَةِ الجَـرداءِ رَقرَقهـــــــا
واحًـــــا ورَقَّ لــهُ فَــــــظُّ الجَــــــلاميدِ
أَو حَفَّ بالأُفــــــقِ سالَـــتْ كُلُّ غائِمَةٍ
مِن السَّحَـــــابِ وأضرَى اليَنْـعَ بالبِيــدِ
أَو جازَ بالأنْفُسِ الكَــدْراءِ راوَدهــَــــــــا
بِشْرُ الـصَّفــــاءِ وتَرديــــدُ الأناشِـــــيدِ
عُودي فَكُــــلُّ جَمــــالٍ كُنـْــتُ آنَـسُهُ
في ظِـــــلِّ أهْــــدَابِكِ الوَطْفاءِ مُرصودِ
قَـــــدْ وَسَّدَتْهُ جِــــراحَ القَلبِ كُــــربَتُهُ
حتَّى تَجَهَّمَ لي فـي غُــرْبَتي عيـدي
تَنَكَّرَ الكَـــــونُ غَيـْـــرَ الكَـــونِ وائْتَزَرَتْ
مِنْــهُ الفِجَاجُ بِشَامٍ في الأَسَى سُودِ
هِيَ الحَيــــاةُ وِصَــــالٌ لا فِصــــامَ لَـهُ
أَو شِقـْــــوَةٌ راتِـــــعٌ فيهــا كَمَــــوءودِ
عُودي إلى كَنَـــــفٍ رَخوِ الظِّلالِ فَمـَـا
يَستَنْــضِرُ الـــــوَردَ إلا وارِفُ العُــــــودِ
(محمد رشاد محمود)