في يوليو من عام 1986 وقد كنتُ أعملُ مدَرِّسًا في الحوامدية ، وكانَ ذلك يقتضيني أن أستقِلَّ قطارَ حلوان من وادي حوف حيثُ أقطنُ ثمَّ أمتطي ظهر (المعدِّية) من شاطئ النيل الشرقي إلى شاطئه الغربي عندما وصلتُ إلى البَرِّ قفزتُ إليه قفزة صادَفت احدودابًا بالأرض فانثنت قدمي فنزلتُ عليها بثقلي فَشُرِخَت شرخًا مُنكرًا ألزمني الفراشَ أيامًا وجَبَّرتُها بالجبائرِ ، فكانت هذه القصيدَة :
صَدعٌ بساقي وصقعٌ ثَمَّ في كَبِــــدي
شتَّـــانَ بينَ أنيـــــــنِ الرُّوحِ والجَسَدِ
بـــــــادٍ ظلوعي وأوصابي مُنَـهنَــــهَةٌ
بَيـــــــنَ الجناجِنِ في طَوْدٍ مِن الجَلَدِ
أرسَلتُــــــها عَبَــــــراتٍ مِن مُؤرَّقَةالــ
أهدابِ شاخِصَةٍ تَنـــــدَى على صَخَدِ
سِيـــــــماءُ كَلِّ كبيــرِ الهمِّ مُرتَــــهَنٍ
لــدَى صَغيـــــــرٍ مِنَ الأقوامِ مُنتَــــقَدِ
شَرُّ الخطوبِ فـؤادٌ لا نـــَــــــديـــمَ لهُ
إلَّا مُســـــاوَرَةُ العليــــــــــاءِ والكَمَــدِ
وغايَـــــةُ المَجْدِ أنْ يشقَى بطُلبَـــتِهِ
ساعٍ ويَـــــظْفَرَ بالنــَّــــــعماءِ قَومُ دَدِ
نَحِّ الكئـــوسَ شراعًـــا يــــا زَمانُ فلا
شَرِبْــتُ غَيــــرَ كئـــوسِ الجِدِّ والوَقَدِ
أو هاتِــــها في سبيـلِ الخُلدِ مُتـرَعَةً
مِنْ بــارِقِ الفِكرِ صفوًا غَيــــــرَ مُطَّرِدِ
غَيري إذا ساغَ شربَ الخَفْضِ مُبتَذِلًا
أفرَغْتُ ظَمْئي على التَّصعيدِ والصَّعَدِ
حَقٌّ لِصُحبَـــــــةِ ذاتي أنْ أُرَقرِقَهـــــا
على صَفا عَبْقَرٍ مِنْ مُهجَتي بيَـــدي
(محمد رشاد محمود)
.................................................
الصَّقْعُ : الصَّعْقُ والصِّياح والبُكاء .
الجناجِن : عِظامُ الصَّدر .
الصَّخَد : اشتِدادُ الحَرِّ .
الدَّدُ : اللَّهو واللَّعِب .
الظَّمْأ (بسكون الميم) : العَطَشُ أو أشَدُّهُ .
التَّصعيدُ في الجَبَلِ وعليه : الرُّقِيُّ .
الصَّعَدُ - يُقالُ (عذابٌ صَعَدٌ) أي : شَديدٌ .