كما تدين تدان
جلست قرب حاسوبي يحاورني و أحاوره و اذ بصوت نحيب يخترق مسمعي و يحرك الألم بداخلي فتركت مجلسي ذاك و رحت أبحث عن مصدر الصوت فإذا هو عمي (أحمد) جالسا قرب بيته مكبا رأسه واضعه بين كفيه و العبرات تتساقط من مقلتيه مدرارا فما استطعت تحمل منظره ذاك فرحت و سلمت عليه فما رد فلم أعر رده اهتماما و جلست حذاءه أربت على كتفيه أكفكف دمعه و صوت جهوري من داخل بيته يتلفظ بأبشع الألفاظ فعرفت أن ذلك الشخص هو ابن العم (أحمد) (جلال) فقد كان عاقا لوالديه و هو معروف من كل أهل الحي،فأمسكت بيد العم (أحمد) و أخذته معي بعيدا عن بيته واضعا كفي بكفه فسألته:ما الذي يبكيك يا عمي؟فلم يرد منكسا رأسه ماشيا و كأنه يبحث عن شيء ضاع منه فوقف و وقفت و جلس فجلست على حافة الطريق و قال:أتعرف ما يبكيني يا بني؟؟؟فقلت:طبعا،هو (جلال) و من لا يعرف عقوقه؟؟فقال:انه الآن يضربني،ولدي يضربني.فقلت:لا حول و لا قوة إلا بالله.يا الهي،كيف يمكنه فعل ذلك؟؟؟فقال لي:لكن ليس هذا ما يؤلمني حقا.فقلت:و ما عساه يكون؟؟؟فاستطرد:كل ما يفعله ابني فعلته لأبي ذات يوم فقد كنت أسبه و أشتمه،أزدريه و أحتقره و صار ينتحب و يبكي و يضرب رأسه ضربا فانتابني شعور متناقض بين الحزن و الاشفاق عليه و بين الرضا لعدالة السماء،فوقفت لتوي تائها في نظراته الحزينة هاما بالرحيل فاستوقفني قائلا:كن بارا بوالديك و لا تعصيهما ما حييت فكما ندين ندان.
..........................بقلم الكاتب:بن عمارة مصطفى خالد.