نِبَالُ الدَّهرْ...
ما ليْ عنِ الدَّمعِ المُراقِ مَحيدُ
فبهِ ابتُليتُ و آلفَتْهُ خدودُ
قلبٌ خَلِيٌّ مِنْ عَذاباتِ الهَوى
لكنَّهُ همٌّ عَتا و يزيدُ
و مَنازفٌ للرُّوحِ في جَنَبَاتِها
بِنِبَالِ دهرٍ ما لها تعديدُ
و حياةُ تِيْهٍ في ظلامٍ مُطبقٍ
و عيونُ ذئبٍ تَقتفيْ فيَصيدُ
أوَ كلَّما جادَ الزمانُ بِما لَهُ
كنتُ الذيْ منهُ الزمانُ يجودُ؟!
أمْ كلَّما احتجتُ الثباتَ حُرِمتُهُ
لتضيقَ بيْ هذِيْ القفارُ البيدُ؟!
إنِّيْ و إنْ جاهدتُ في طلبِ المُنى
أَلْقَ الخطوبَ على مُنايَ تميدُ
فلِمَ الوضيعُ إذا سَعَى مُتَقَبَّلٌ
و لمَ العزيزُ و سعيُهُ مردودُ؟
و اللهِ لو ذَهباً مَسَكتُ لَعَابَهُ
صَدَأٌ،فحظِّيْ في الحُظوظِ حديدُ
حتى الفراتُ إذا ودَدْتُ وُرودَهُ
لوجدتُ قدْ شابَ الفراتَ صديدُ
حظٌّ بهِ صَمَمٌ إذا ناديتُهُ
أعْمَى العيونِ و خاذلٌ رِعْديدُ
فإذا الحسودُ رآهُ عفَّتْ نفسُهُ
وا حسرتيْ يا ليتَنِيْ محسودُ!
لو كنتُ مُلِّكْتُ الحظوظَ لَقدتُهُ
لكنَّهُ مَلِكِيْ فكيفَ أقودُ!
إنْ شئتُ يأبَ مَشيئَتيْ و هُوَ الذيْ
إنْ شاءَ أرغَمَنِيْ بما سيكيدُ
يَطغىْ عليَّ و ما يديَّ ترُدُّهُ
و يجيدُ ما ليسَ الأنامُ تجيدُ
و يزيدُنيْ كُرَبَاً إذا عاتبتُهُ
عمَّا أُؤمَّلُ بابُهُ موصودُ
حالِيْ بهِ كالماءِ إنْ رامَ الذُّرى
يَنصبْ بما قدْ رامَ ثُمَّ يعودُ
يحيى يسين