توابيتُ الهجْرةِ
(إلى سيلينا المهاجرة في بلاد الثلج)
لاشيءَ (سيْليْنا) سواكِ أمامَ ألْسنةِ الضّميْرِ المخْتفي
نادي لأمّكِ في بلادِ الشّامِ كي يحْلو المكانْ
عنْوانكِ المجْهوْلُ لَـوّحَ غصّةً ..تبدو ضفائرها مراسي للْمشيبْ
وهبوبُ عاصفةٍ تجفّفُ في رداءكِ شعْرها
وغنائمُ الموْجاتِ دُمْيتكِ الّتي كانتْ بحضْنكِ تحْتمي
هزّي بجذْعِ الوهْمِ كأساً للحليْبِ إليكِ يأْتي دافئاً
يشْفي مخيّلـةً تغيّـرَ طعْمها
قصصُ الأرانبِ والدّمى تسْهو على شطِّ المنامْ
وكأوّل المرّاتِ يسْلبها صقيْعُ الخوْفِ أوْ إثْمُ الخصامْ..
وكأوّل اللوْحاتِ لا مَرَحٌ بمسْرحها تدلّى بالأمانْ
طهْرُ الطّفوْلةِ مثْلما ماءُ الوضوءِ إذا تجلّى وقْتهُ
غطّى بذاتِ النّاسِ أدْرانَ اللّظى
حتّى طيور البحْرِ فوْقكِ سوْفَ تحْصي دمْعكِ
لابـدّ يمْلأها التوجّسَ منْ مصيْرٍ غامضٍ
فأنا أمامكِ طفْلتي أمٌّ بمعْتقدِ البداوةِ تسْتوي..
رغمَْ التصحّرِ في تضاريس الرّؤى
قَدَماكِ بالبرِّ الغريْبِ كأنّها حججٌ يسيْلُ لعابها
برْدٌ يَدَكُّ بكلِّ وقْتٍ غصْنكِ.. فزعٌ يروْضُ على شذاكِ جذوره..
وكأنـــَّه ُ يكسو بجلْدكِ وجْدهُ ..
حيويّةُ الأمسِ القريْبِ تكنّسُ اللهفاتِ في كلماتها
و مواءُ قطّتكِ الحزيـّنــةِ الملامحِ لمْ يزلْ
نغماً يحطّـمُ حيْثُ حلَّ سكيْنةً ..
أنغامها تشْوي بأشْرعةِ الحنينِ سريركِ
دارتْ ودارتْ كاليتيْمةِ في فضاءِ الدّارِ َتنـْشدُ ظلّكِ
فرصُ الحياةِ هنا تلاشتْ بالسّقامْ
يترنّحُ الوجْدانُ كالسّفنِ الّتي هاماتها ..ما بعْدَ إعْصارٍ دنا
بمشاعر الهجرانِ أو ثمرِ الرّحيلْ
والقلبُ مُلْتهبُ البراعمِ في روافدِ غصّةٍ
هلْ هدْهدُ النّسيانِ ينشدُ بالصّراطِ المجْتبى لحنَ السّقامِ؟!
أمْ سوْفَ يأْتي مثْقلاً بالشّكِّ منْ أقْصى الخلايا والنّهى ؟
بيني وبيْنكَ معْولُ الأقدارِ يحْفرُ بالسّرابِ مسافةً حمقاءْ
قلبي بمرْآةِ الغياب الآن يمشي كالقطا...
يعْلو ويهْبطُ حسْبَ تَوْقيْتِ الأملْ
قوْلي قليْلاً من تسابيْحَ الإله المسْتريْحِ على توابيْتِ الحروفْ
صمتٌ يطوْلُ على فمي...
وكأنَّهُ طيرُ الغرابِ المرتدي ثغْرَ الكلامْ
الشاعر الفلسطيني أحمد عبد الرزاق عموري