زيارة
مصلوبة على حدود الشّوق، يؤرقني الحنين لزيارة الأهل، لرؤية الأحبّة في بلدٍ تلفّه النّار، يوجعه الدّمار، يؤلمه العار وذلّ الاستهتار. أقترب... يجذبني الرّعب إلى الوراء، فالموت يرفع راياته، ويقدم عروضَه:
- إن كنت تحبّ النّار، فالحرائق المشتعلة تلتهم الشجر والحجر مقتنيات العمر، ولن تتعفّف عن لحمك.
- وإن كنت تشعر بالعطش فالماء الآسن كفيل بنقل أمراض مميتة، أمّامياه البحر المالحة فهي كريمة تملأ جوفك حتى تفجّره.
- أمّا إذا كنت تفضّل الموت الأنيق بملابسك المشبعة بعرق صيف لم يجد ماء يغسله، فعليك أن تبحث عن هواء لوّثه الغاز، لكن عندماتحرص على أن تروي الأرض بدمك فلا أحد يدفع عنك قذيفة عابرة، رصاصة طائشة، لكن إن كنت جواداً وأردت التكرّم بكليتك، قرنية عينك، قلبك فالتجار كثر يخسرون عليك ثمن إبرة مخدر، ولن يأبهوا بأشلائك أين تتحلّل.
غسلت دموعي المالحة وجنتيّ الملتهبتين، فتحْت جوالي، وشرعت أبثّ تراب الوطن أشواقي على حبال الأثير.