لأحياء الأموات
مالي أرى الناس متناثرين على كسادر المدن عائشين الموت و هم في أكفانهم من حيث لا يعلمون،تعصف بهم مصائب الدنيا و تمزقهم أرزاء الدهر و أنيابه و هم في فاقة لا يجسرون على مسح أناتهم تلك أو تخفيف أوجاعهم،يظلون على الطوى يبيتون على الكرى لا يجدون مؤنسا و لا معينا هاربين بنظراتهم الى اللاشيء خوفا من اكتشاف أمرهم لأن هذا المجتمع شياطينه غلبوا الملائكة عددا فأصبح العوز و الفقر دنية و رجس يجعل صاحبه يتمشى على الأرض مطأطئ الرأس مهانة و ذلا.
ان مجتمعنا هذا استحال اليوم غابة موحشة كثيرة غيلانه و وحوشه الضارية،تفترس الضعيف منه افتراس الضرغام الجائع لغزالة بريئة قد أعياها الفرار لأن ذنبها الوحيد الذي اقترفته هو أنها خلقت ضعيفة و شاء الخالق أن جعلها هكذا.
عبدنا المال و ترفعنا على غيرنا و كأن الله قد فضلنا عليهم و نزعنا من أفئدتنا الانسانية و الرحمة انتزاع النبتة الغضة الطرية حتى أننا صرنا نرمي النعمة و لا نعطيها لمن هو في حاجة اليها خوفا من أن يكتشفوا أمرنا و يشاركونا في أكل أو شرب أو ملبس فيجف جب الرزق بعد ذلك أو ينضب ماء حياتنا فيصبح غورا لا نستطيع له طلبا.
ان الله خلقنا على هذه الأرض اخوة رضينا أم أبينا طينتنا واحدة و ماؤنا واحد و صانعنا واحد و روحنا التي بين جنبينا واحدة و الشرف و السمو هو التقوى و رفعة الأخلاق أما الباقي فهو زائل ذائب ذوبان شمعة الحياة.
...........................................بقلم:بن عمارة مصطفى خالد.