فلسفة فلسطين
/1/
غازٌ مُسيلٌ و الدموعُ تُذرفُ
و مطاطُ رصاصهمْ داخلنا يرجفُ
لم يعدْ للميركافا نفعٌ أمامنا
مدافعهم حلوى و حجارتنا تقصفُ
ابن القدس لا خوفٌ و لا فزعُ
حنظلة خليفتي مقاومٌ مُتطرفُ
من بيتِ لحمٍ أقومُ أرتفعُ
فديتُ العروبةَ لا إثمٌ و لا تخوّفُ
إن كانت شفقةُ الغربِ صَكَ تحرري
فأريحا أقدمُ المدنِ يا غربُ تثقفوا
/2/
يا قدسُ اسألي التاريخَ لما انحرفَ
أما عادَ مجرى النيل يروقُ لَهْ
كان يسقي بغداد بالأمجاد
يمرُ بدمشق قاصداً بيت لحم
أكانتْ عصا موسى من غَيّرَتْ مجراهُ
أم أنهُ أحبَ ناطحاتِ السحاب في الغربْ
يا قدسُ اسألي التاريخَ فقد لَمَحْتُ
في وجههِ عتباً كأنهُ الحتُ
من غَيَّرَ بنصفِ ساعةٍ تاريخاً
كان ضفيرةً في الشَعْرِ الذي سَرَّحْتُ
/3/
يا بيت لحم ما هو اللاشيء
ألم يخبرك عن السر محمود
أظلَ يلعبُ النردَ بين لا و شيء
بين قصبه و نايّهِ في لاعبِ النرد
ما هو اللاشيء
أمن المعقول ؟ ربما لو قرأت درويش أصلاً
لفهمت ما هو اللاشيء هذا
لكن ما قرأتهُ كان خريطة وطنٍ
يعاني مستقبلهُ الغموض
نعم هذا هو اللاشيء
فلسطينُ لاشيء في الشعرِ يُرتَجَلُ
كلُ الشعر أنتِ و الباقي بهِ مَيَّلُ
لا تخافي على التاريخ يا وجعي
فالتاريخُ جرحٌ و الجروحُ تندملُ
فلسطينُ خذي سيفي لا بد ينفعكِ
إن سيفي أصابهُ الكسلُ
ما عادَ سيفُ دمشقَ يخبرني
لا أنباءٌ خارجَ الشاشاتِ تحصلُ
خارجَ أسوارِ القدسِ لا عربُ
العربُ أنتم و الباقي بدوٌ رُحَلُ
/4/
في غرفة صبية من رام الله
ماذا قد ترى ؟
لا شيء مختلف عن غرفة
أي فتاة طبيعية
مكياج و ملابس
عطور و اكسسوارات
مجموعة عبد الحليم الكاملة
و نزار و أحلام
ربما هذا ما نفترضهُ جميعاً
لكن في رام الله و غزة و الخليل
في فلسطين كلها
المشهد مختلف تماماً المشهد كالتالي :
ستجد الكوفية و مجموعة كاملة لأغنيات مارسيل و زياد و جوليا
ستجد دواوين سميح و طوقان و درويش
ستجد صور حبيبها على الجدران
لا تخشى فتاة من فلسطين أن يقتلها أحدٌ
لأنها أحبت شاباً
لأن هذا الشاب بعد أيام سيكونُ بطل للشعب كله
الأمورُ في فلسطين أبسط بكثير
لا يحلم الطفل بأمور لا يمكن أن تحصل
يحلم بالحقيقة الوحيدة
فلسطين وطنهُ
قال التاريخُ عجباً أيها العربُ
تبيعونني و من ثم تتعجبوا
قُلنا لطفاً أيها التاريخُ فينا
فقد قَلَبْتَ علينا الموازينَ
كُنا نُقاسم الدهرَ ساعاتهْ
و اليومَ نُقاسمُ الموتَ مُحبينا
بالله عليك يا تاريخُ أخبرنا
بأي داءٍ غدونا مُصابينا
يا صاحبَ الأرضِ هاكَ قيثاري
و لحنْ ما شِئتَ في عصرِ دولارِ
لم أسرقْ منكَ يا عربيُ شيئاً
أنتَ بعتَ فلماذا الأخذُ بالثارِ
يا شيخُ كُنْ علينا صبورا
فعلى مُصابنا شققنا الصدورا
ما ذنبُ طفلٍ إن كان من سبقهْ
باعَ أرضاً و اشترى سطورا
ما ذنبُ فلسطين إن كان أخوتها
لأجلِ النفطِ قد دفنوا البحورا
و بعد أن عبروا في تشرين مرةً
صاموا دهراً و ما أعادوا العبورا
/5/
فلسطين فيكِ بحار الشعر قد جُمعتْ
و اختصرتْ مقاماتُ الغناء
مدرسةٌ يكادُ وصفها مُحالْ
تنازع الشعراءُ في وصفها
عاريةٌ أمامَ حسنها الكلماتْ
صاغتْ لنفسها أسطورةً
و ترفعتْ فوقَ ما يصفُ
أسئلةُ جَدٍ من فلسطين
يُراجعُ تاريخَ البلادِ و يقطفُ
من بيادرِ الليمونِ أطفالا
يُعلمهم أن عشقَ البلادِ تَطَرُّفُ
روتشيلدْ كم أنفقتَ من ذهبٍ
لتمحي ذِكْرَ شعبٍ بالعشقِ تصوّفوا
ما زالَ أطفالُ القدسِ أئمةً
ها هو طفلٌ من البراغتةِ يتفلسفُ
يُوضحُ رأيهُ في قضيةِ شعبهِ
يرى النصرَ حتمياً قريباً يتكشفُ
يمضغُ البرغلَ و يروي باستهزاءٍ
خرافات تلمود بالكذب يُزَخرفُ
تكفي تجاعيدُ جدةٍ لتكونَ أدلةً
كيفَ إذاً و صغارُ القدس مصحفُ
و لو وعى كل محتلٍ أن تاريخاً
يميلُ مرةً سيميلُ عنهم و ينحرفُ
لأدركوا أنهم ينزفونَ عبثاً
و صاحبُ الأرضِ لخلقِ النصرِ ينزفُ
بقلم حسين شبلي
#فلسطين-تنتفض