كُنّا سُكارى
***
أيها العابرونَ فوق سطوحِ السنينْ
أنتم غيومٌ من غبارْ
قد يتساقطُ الوحلُ ؟ وإنما من بعدِهِ الأمطارْ
تسلّلْتُمْ ذاتَ ليلٍ
كان القمرُ في قيلولةٍ
وأصابَ النجومَ النعاسُ فنامتْ
ليتها لم تفعلْ ؟
ركبتُمْ على ظهورنا
كُنّا سُكارى
صفّقنا لكمْ
غنّينا لكمْ
سلّمناكم عقولَنا
ورضينا أنْ تُفكِّروا عنّا
كُنّا سُكارى
تبولونَ علينا فننتعِشُ ؟
كُنَّا نظُنُّ أنَّ البولَ ماءْ ؟
كلّفتُمُ اللصوصَ بإمامتنا في الصّلاةْ
كُنّا سُكارى
أطلقتُمْ خفافيشَ الليلِ ذاتَ ليلٍ
صدّقناكم فتفرّقْنا
تقاتلْنا
تذابحْنا
كُنّا سُكارى
أوهمتُمونا بأنَّ الذئبَ حمَلٌ
بعتُمْ دماءنا وأشلاءنا وأحلامنا
محَوْتُمْ من ذاكرتنا صُوَرَ المقتولينْ
أزلْتُمْ من خارطتنا كفرقاسمْ ودير ياسينْ
صغَّرْتُمْ فلسطينْ
كُنّا سُكارى
أيها العابرونَ فوق السنينِ العِجافْ
لا شيئَ أنتمُ الآنْ
زالَ مفعولُ الخمر
قامَ القمرُ
إستيقظتِ النجومُ
إنّا نراكمْ
دقّتْ ساعةُ رحيلكم
فبيننا وبينكم جردةُ حِسابْ
إدفعوا ثمنَ دموعِنا التي ذُرفتْ على ضحايانا
كُلُّ دمعةٍ بألفٍ منكمْ
لن يُسامحَنا قتلانا
إدفعوا ثمنَ الأمتارِ التي تفصلنا عن قُرانا
كُلُّ مترٍ بألفٍ منكمْ
لن تُسامحَنا قُرانا
إدفعوا ثمن الدماءِ التي سالتْ من جرحانا
كُلُّ جرحٍ بألفٍ منكمْ
لن تُسامحَنا دِمانا
عاد الطفلُ الى مدرستِهِ
يتعلّمُ أحرفَ الهِجاءْ
عاد الفلاّحُ الى حقلِهِ
يُغنّي أغاني الفِداءْ
عاد الشاعرُ الى قصيدتِهِ
يكتبُ أبياتَ الرّجاءْ
لنْ تُمطرَ بعدكمُ السماءُ وُحولا
ولن يكونَ حضورُكمُ فاعِلاً مفعولا
كُنّا سُكارى
دماؤنا " كفّاراتٌ" عن فعل الصمتْ
نعتذرُ للعصافيرْ
نعتذرُ لأجدادنا...لآبائنا...لأمّهاتِنا...لصغارِنا
نعتذرُ للحقولِ عن هجْرِ المعاوِلْ
للسهولِ عن سَفَرِ المناجِلْ
للجبالِ والأوديةِ عن نومِ المراجلْ ؟
كُنّا سُكارى
نعتذرُ للمعابدْ
للكنائسِ والمساجِدْ
زالّ مفعولُ الخمرِ الشيطانيّ
إستيقظْنا على أذانٍ جنوبيّ
وفتحنا عيونَنا على صبرٍ غزّاويّ
أيها العابرونَ فوق السنين العِجافْ
لن نخافْ
سنونُنا القادمةُ زاخِرةٌ بالحِنطةِ
والعشقُ فيها سيّدٌ مُرصّعٌ بالفِطنةِ
لن تُباعَ قلوبُنا
ولن تُباعَ دماؤنا
وإنْ تبوسوا حذاءنا ؟
فسيغضبُ حذاؤنا ؟
تطهّر الحذاءُ من أرضنا المِعطاءْ
فشفاهُكم مُنَجّسة
وطاهِرٌ حذاؤنا ؟
***
شاعر الأمل حسن رمضان - لبنان