( الجيل الجديد والهويةالثقافية)
بقلم بشري العدلي محمد
إن حالة الشتات وشيوع مظاهر التمزق في المجتمعات العربية ' واتساع وانتشار الأحزاب السياسية والجمعيات الثقافية التي تتصارع فيما بينها من أجل نشر فكرها على الساحة والتقاتل أحيانا من أجل مكاسب سياسية أو مادية أدى بالتالي لخلق حالة من التوهان عند الجيل الجديد من ناحية الرأي أو الفكر الصحيح ناهيك عن عوامل أخرى كثيرة دفعت الشباب عن القراءة والنهل من صنوف المعرفة الصحيحة.
إن الحديث عن الفكر والثقافة في المجتمع العربي الذي تنفس في الفترة الأخيرة رحيقاً من الحرية له أهمية كبري،لذا فنحن بحاجة إلي تحديد اتجاهاتنا في مختلف المجالات لنصل لقاعدة معينة ترسم معالم الطريق في معرفة ماهية الفكر والثقافة المسيطرة علي مجتمعاتنا ولا سيما في ظل توهان الشباب العربي الذي تتقاذفه الأفكار الخاطئة التي تشوه سلوكياته في هذا العصر.
إن الفكر السليم يستند لمجموعة من الآراء والمعتقدات الأخلاقية والمذهبية التي تعبر عن طموحات الإنسان السياسية والاجتماعية والتي تبلور العقلية العربية ،والثقافة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالفكر ،وهي التي تشكل الخريطة الإدراكية للإنسان والمجتمع.
إن الثقافة لأي مجتمع هي المرآة التي يري بها المجتمع العالم من خلاله وهي وعاء هويته ومصدر تماسكه ،ولكن السؤال الذي يشغل بالنا هو:.كيف يتأثر الفكر بالثقافة التي نكتسبها ؟
إن الثقافة ليست علوماً أو معارف جاهزةً يستطيع المجتمع الحصول عليها ويستوعبها بسهولة وفي فترة قليلة ،لكنها تنتقل من جيل إلي جديد عبر التنشئة الاجتماعية ،فثقافة المجتمع موروثة عبر جيل وراء جيل عبر العصور في مختلف المجالات.
الثقافة التي أعنيها هي التي تبني لا تهدم ،ترفع من شأن الإنسان في المجتمع ،وتعلو بقيمته وأخلاقياته ، وما نجده على الساحة الفكرية والإعلامية اليوم نذير خطر وجرس إنذار للفكر الخاطيء عند المثقفين والإعلاميين الذين هم قدوة لشبابنا وهنا تقع الازدواجية في الفكر عند الجيل الجديد ' والعرب قديما كانوا يستلهمون فكرهم وثقافتهم من معين التراث الإسلامي وعاداتهم الموروثة التي حافظت على هويتهم قرونا عديدة فسادوا العالم بفكره وعلمهم ' لكن حينما انسلخنا عن هذه القيم بدعوى الحداثة والانسياق وراء الفكر الغربي حدثت هذه الإشكالية في أذهان المفكرين والمثقفين وكان الضحية هو الجيل الجديد' رغم أنني لا أنفي عنه الاتهام بالتقصير في معرفة الفكر الصحيح وعدم البحث في العلوم والمعارف ' وعليه أن يرجع إلى الثقافة الأصيلة في تراثنا ويجدد ويضيف كل ماهو جديد ونافع للمجتمع ' وعليه أن يعي أن الحضارة الغربية سرعان ماتنهار لأنها تقوم علي عالم مادي فقط ،لكن الحضارة والفكر الذي نريده هو الفكر الذي يقوم علي دعامتين أساسيتين هما(المادة والروح).
إن شباب اليوم يعيش صراعاً مستمراً مع التكنولوجيا السريعة المتطورة ،فعليه أن يتسلح بالعلم والخلق ،والعلم نفسه هو الثقافة ،لذا فهي السلاح للأمه في جميع نواحيها ضد عوامل التخلف والانجطاط الأخلاقي ،وفكر الإنسان يحمل معه بصمات الواقع الحضاري الذي تشكل فيه ومن خلاله ،فالتفكير بواسطة الثقافة معناه التفكير من خلال منظومة عقائدية ومذهبية وفق العادات والتقاليد والنظرة للمستقبل نظرة واعية والمحيط الإجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان ،لذا فإن الثقافة هي التي تؤثر في فكر الإنسان والمجتمع .