سألني الحبيب ذات ليلة قمرية وكرّر سؤاله نفسه ذات نهار شمسيّ بامتياز : ما هو شعورك حين تزور حديقة الحيوان وحديقة الطيور ؟! قلت له : أشكرك قبل أن أجيبك ! أشكرك لأنك لم تسألن عن حديقة الإنسان ؟ قال : وهل للانسان غير حديقة منزله اذا كان غنياً ؟! قلت له: نعم له غابة وحوش اذا كان غبيّا ! قال كيف ؟ قلت له : اسمعني جيداً : حين زرت حديقة الحيوان انذهلت واندهشت وانشدهت وتألمت ! قال : لماذا ؟ قلت له لا تسل ألم أقل لك اسمعني جيدا؟ قال بلى : قلت : انذهلت حين رأيت الأسد في قفص لم يُخلق له أساسا ! وانشدهت حين رأيت الدبّ الروسي في قفص من حديد وهو الذي كان بحر الثلج مأواه ! واندهشت كيف أن الانسان هو وحده القادر على صيد المخلوقات الشرسة والمفترسة وجمعها في حديقة في مكان واحد مع اختلافها في العادات والتقاليد والعداوات ! الانسان هو الأخطر من بين الخلائق وعقله وتفكيره وأحياناً خبثه كل ذلك قاده ويقوده وقد يقوده الى حيث ما ترى يا صديقي أن يصيد كل فتاك ذي ظفر وذي ناب وذي ظلف ! وتراه عند الجنس اللطيف يغزل الكلام من ريش نعّامٍ ومن خيوط من حرير ! وترى العجب العجاب حين تنظر الى الضبع وقد خنس والثعلب قد همس وابن آوى وقد نعس والفهد وقد شمس ! كل من كان يثب قد بهت وتقلص ودب فيه العجز وأصيب بمرض ينقله من حالة الزمجرة الى أن تقول عنه قد توسوس ! لقد استطاع الانسان أن يكبل الدواهي لكنه لم يستطع أن يكبل شره تجاه أخيه الانسان ! يا صديقي ان غابة الحيوان أسمى وأرفع من غابة الانسان ! فتلك تنهش فريستها وتكتفي بمسح لسانها من آثارها ! أما نحن البشر فلا نكتفي بفريسة واحدة بل نتمنى أن نذبح القمر !!! الأديب وصفي المشهراوي !!!
أعجبني