مـــاذا لــــو بقلم الكاتب علي الشافعي
احيانا ــ ايها السادة الافاضل ــ يسرح الفكر ويمرح , ويشطّ ويشطح , فيأتي بأسئلة جنونية , خاصة ايام الحر كهذه الايام , واظنكم تعرفون السبب . هذا ما حدث معي ذات يوم فقد خطر ببالي السؤال التالي : (ماذا لو ان ما كان لم يكن , وما لم يكن قد كان ) ؟ السؤال صعب بعض الشيء , اليس كذلك ؟ أُسهِّلُه لكم قليلا فأقول : لو ان ما حصل لك في شريط حياتك كان العكس تماما , يعني مثلا انت من اسرة غنية ذات مركز ونفوذ , وظيفتك مضمونة قبل ان تتسلم شهادتك الجامعية . تخيل لو انك من اسرة فقيرة قاست الامرين حتى علمتك واوصلتك الجامعة , وانت الان على ابواب التخرج , وتعرف ان امامك طوابير من الخريجين , لا تستطيع تجاوزهم لأنك تفتقر الى المفتاح السحري لأية وظيفة في اية دائرة . ماذا لو ؟ انت انسان متزوج رزقك الله بامرأة صالحة , تقية نقية , تخاف ربها وتعرف واجباتها وحق الزج عليها , فتكون لك عونا وساعدا في الحياة , لا تعرف كلمة لا الا في تشهدها , فانت اذا في جنة الدنيا ونعيمها . ماذا لو كنت رزقت بامرأة نكديّة تكشيرتها تجلب الفقر عن بعد مسيرة شهر, حنانة منانة زنانة . وانت ايتها الاخت رزقك الله زوجا كريما ذا نخوة وحمية حنونا صاحب راي وفكر وادب يعرف حقك ويخشى الله فيك , ماذا لو رزقت برجل بخيل يده تسبق لسانه او جبان متقلب حبيب الماما , كيف سيكون الحال معه . اظن هكذا يصبح التساؤل سهلا . فلندخل الان في العميق اذن .... ماذا لو؟
يقولون في التاريخ : لو ان القائد المسلم( عبد الرحمن الغافقي ) انتصر في معركة ( بلاط الشهداء ) تور (بالإنجليزية : Battle of Tours) , أو بواتييه (بالفرنسية:Bataille de Poitiers) هي معركة دارت في (رمضان 114 هـ /أكتوبر 732م ) في موقع يقع بين مدينتي بواتييه وتور الفرنسيتين ، لو انتصر لأصبحت اوروبا كلها تحت سيادة الدولة الاسلامية . تخيل الوضع ؛ هل يخرج العرب المسلمون من الاندلس , هل تقع محاكم التفتيش في اوروبا . هل كانت الحربان العالميتان اللتان ازهقتا ارواح الملايين , ودمّرتا ما كلّف المليارات من اقتصاديات الدول المستعمَرة , لا عادة بناء ما دمرته الحرب في اوروبا , وكذلك هل كانت بلادنا لتقع تحت الاستعمار (الأنجلو فرنسي ) وهل كانت اتفاقية سايكس بيكو اللعينة والتي مهدت لقيام دولة بني عبري على الارض المقدسة , ومن كان سيحكم امريكا التي نشأت اصلا من المهاجرين الاوربيين . اذن تكون بالضرورة دولة مسلمة يحكمها احد احفاد القائد المسلم عبد الرحمن الغافقي من يدري؟ وفي هذه الحالة مَن توجّه غربا بإمكانه التوجه شرقا جهة اليابان مثلا , ماذا لوان .... . هيك انا تخّنتها وزردتها كثيرا بتخيلاتي , وشطحت بعيدا بعيدا , وقد اكون تجاوزت بعض الخطوط الحمراء , لكن خلينا في حالنا احسن . اقول : ماذا لو لم تكن المواصلات موجودة ؟ اذن لرأيت يوميا سيلا من الخيول والبغال والحمير ــ اكرمكم الله ــ تجر عربات , تغزو العاصمة بدل سيل الحافلات الذي تشهده كل صباح , ليلتحق كل موظف بعمله . او تكون الوظائف حكرا على ابناء العاصمة , كيف يكون الوضع هل نقطع مسافة مائة كيلو كل يوم على الخيل والابل ام نترك الوظيفة , ونلتفت الى اعمال اخرى كاستصلاح الارض التي اهملت بسبب الوظائف , فلا نظل نعتمد على القمح المستورد الذي هو غذاؤنا الرئيس . ماذا لو ما كان النت ولا خلويات ولا فضائيات , ماذا كان شبابنا وفتياتنا سيفعلون لقتل اوقات فراغهم المملة المفسدة , ام يصرفون جهودهم الى نشاطات اخرى تفيد البلاد والعباد . هذا غيض احبتي من فيض , وما خطر ببالي اظنه قد مر على خاطركم ذات يوم , و السؤال يفتق اسئلة اخرى اكثر واكبر واخطر . منها ما يمكن قوله ومنها ما لا يمكن قوله او تخيله , لان مجرد تخيُّله قد يودي بكم وبكل من يمت لكم بصلة . لذلك احذروا من مثل هذه الاسئلة التي تدور في اذهان بعض الرؤوس الشريرة , فهناك من يقرا افكاركم من خلال ملامحكم , ورغم انه لا يقرا عوزكم وحاجتكم ومظلمتكم . لذلك انصحكم ما تتوغلوا . طبتم وطابت اوقاتكم .