قال حبيب من بين الأحبة أنا ( دليلي احتار وحيّرني ) فهل لك أن تصرف عني الحيرة وأن تلمّ جروح تساؤلي بجبيرة ؟ ضحكت من فلسفة سؤاله وشكرته ذات الوقت وطمأنته قائلاً : هيا بنا نطوف بين الكلمات ونركب تبج المعاني ونحج الى الألفاظ وسط جزيرة ! وكأننا نشرب من نهر أو بحيرة ! لكن قبل الانطلاق نسيت أن أسألك ما هي أسباب حيرتك ! ومن هو دليلك الذي احتار وحيّرك ؟! تبسم وقال : لقد أذهبْت نصفَ حيرتي بمقدّمة قولك ! وفرّ دليلي حين رؤيتك ! قلت له هاتِ ماعندَك ؟! قال : يا صديقي فكرت كثيراً بهذا الحديث الشريف على قائله أطيب صلاة وسلام ! ( استفتِ قلبك ولو أفتاك الناسُ وأفتوك ! ) ماذا أفهم من هكذا كلمات خرجت من أعطر فيهٍ في الدنيا من بين الكائنات ؟ هذا ما أحببت معرفته ! قلت له الأمر سهل للغاية ومن السهل بلوغ الغاية ! قال كيف : قلت : يا صديقي حين نزلت من بطن أمك بعد أن نضجت تسعة أشهر لم تنزل هكذا سدىً وكأنك واحد ضمن أعداد الملايين حتى ولو أخذت رقماً متسلسلاً بين االأحياء ! وحتى لو كانت رضاعتك وحليبك ومستلزماتك نفس ماركة الاخرين ونفس العلامة ! أنت تأتي الى الدنيا وكلك شيفرات وألغاز وطلاسم ! قال كيف ؟: قلت أنت من بين المليارات لك خاصية وبصمة وعلامات فارقة دون البشر حتى لو صفقت الأيادي وابتسمت الوجنات وبدا الناس كأنهم نسخة واحدة لا يا صديقي فان كل يد تصفق لحقٍّ أو لباطل فيها بصمة ابهامها تدل عليها وبؤبؤ عينيك لا يوجد مثله ومثيله بين البشر حتى ولو سررت من عيني قطتك الجميلنين ! تصور أنك لو ذهبت الى طبيب أسنان ليصنع لك جسراً تتعكز عليه لفتك لقيمات عصيّات فجسرك دون الخلائق لا يأخذ مكانه الا في فيك وحدك بعد مليون محاولة قياس لئلا يضحك من منظرك الناس ! ورائحة عرقك لك وحدك ! وخط قلمك لا يشبهه قلم ! والعشرات من الصفات التي نعلمها ولا نعلمها لك وحدك قال صديقي ما أبعدك عن جوابي بل زادت الآن حيرتي ! قلت له : تمهل ( فمن تأنّى أدرك ما تمنى ) فقلبك الذي بين جنبيك له فتواه الخاصة حتى وان أفتاك الناس وأفتوك وأشبعوك وأرضوك من فتاويهم ! فلقلبك حديثه الخاص مع الروح يتشاوران فيما بينهما فقد يفتيك المفتي فتوىً تؤدي بك الى جهنم لأنه سمع لسانك ولم يسمع قلبك وقلبك فيه ما فيه من أشياء لا يعلمها الا الله ثم أنت ! فحين تسمع من الناس آراءهم حتى ولو ضجّ ضجيجها وعجّ وعجيجها فاثبت وتثبّت وليكن لقلبك قراره الرضيّ حينها وحينها فقط ينشرح صدرك لفتوى قلبك بشرط أن تكون علامات السلامة فيه ! قال صديقي : خذ فنوة من قلبي والله لقد أرحتني من الدهشة وزالت من قلبي الرعشة ! الأديب وصفي المشهراوي !!!