صَمُتُ الأحزَانْ
يا صاحبي هَلاَ سَأْلتَ عن الخَبرْ
سَلني وخُذْ منّي الجوابَ المُنتظرْ
إنِّي حزينٌ تائِهٌ مُتألمٌ
منْ شدَّةِ الإعوالِ من تعس القدَرْ
قَدَري أعيشُ بدونِ قلبٍ حالمٍ
كصخورِ صمتٍ، جامدٍ أو كالحجرْ
ليلي قضيتُ مُساهراً لنجومِهِ
يحكي حكايا صامتٍ تحتَ القمرْ
اللَّيلُ عندي واحدٌ كنهارهِ
الظهرُ عصرٌ والصباحُ لهُ سحَرْ
يا صاحبي أمللتَ منْ هذا البُكا
فاسمعْ مزيداً... قلب صخرٍ وانكسرْ
ما لي حبيبٌ اشتكي عند الشقا
ما لي رسومٌ حلوةٌ ما لي صُورْ
كلٌ لهُ حبٌ يهيم به إذاً
فرحٌ سعيدٌ بالحبيب ولا وزر
حصنٌ له وخليلهُ وجليسُهُ
لا يَبتغي منْ هذه الدُنيا نظرْ
يسلو بهِ، بحديثهِ وبذكره
ولرّبهِ حمداً به و لهُ شكرْ
أمَّا أنا فالحظُّ مني هاربٌ
أزعجْتُهُ ، والحُبُّ منّي قدْ نفرْ
مُتعثِّراً والنَّجمُ مني آفلٌ
صدري رمادٌ مُحَرقٌ ثُم انهْمَرْ
النَّفس تبكي منْ تألمُّها النَّوى
صدري رمادٌ مُحرقٌ ثمَّ استعرْ
يا صاحبي.. العينُ مني غيمةٌ
الدمعُ منها أنهرٌ ، مَطَرٌ مَطَرْ
أشكو لمَنْ ؟ أبكي لمنْ؟ من أجل منْ..
شكواي لا تبقي الحياة ولا تذر
أشكو الى الله العلي وعدله
مُتفائلاً فيهِ الخروجَ منْ الحُفرْ
أبكي على نفسي وقد أفنيتُها
بعذابِ قلبٍ فيهِ منْ كلِّ الزُّمرْ
من أجلِ حُلمٍ رائعٍ لمْ أَرْوِهِ
قدْ خاضَ بَحرِيْ مُسرعاً، ثُمَّ انتثَرْ
وتصدَّعَ القلبُ الذي أشغلْتُهُ
بحديثِ عُشَاق الهوى ثُمَّ اختمرْ
وبحثْتُ عنْ حبي بكلِّ مناطقي
مُتأملاً فوقَ الرُّبَا، تحْتَ الشَّجرْ
وسَألتُ كُلَّ مُسافرٍ دَرْبَ الهَوى
كُلَّ الطيورِ منَ السَّما، كلَّ البشرْ
أُضنيتُ منْ بحثي عليهِ وإنني
ضيَعتُ عمري و انكويت من السفرْ
يا صاحبي هذا حديثي كُلّهُ
إنْ كنتَ قد صدَقتني فخذ العبر
الكُلُّ يحسبُ أنَّهُ لا يَنحني
في رأْسِهِ فكَرٌ لهُ أوْ كالفكرْ
ويقولُ إني لا أخافُ من الهوى
إن الهوى بالرغمِ منْ هذا عبرْ
إنَّ الزمانَ يقودُنا لطريقهِ
لا تعجبوا هذا الزمانُ لقد غَدَرْ
يا صاحبي إنَّ الطريقَ مؤكَّدٌ
منْذا الذي يَأتْي لتصديقِ الخبَرْ
كلٌّ إلى هذا الطريقِ مُسافرٌ
لا مَهْرَبٌ مِنْهُ ..فَمِنْ أينَ المَفَرْ
شعر : عبد الرزاق الحسيني .. سوريا