الشائعات
الجزء الاول
بقلم ابتسام ابو واصل محاميد
الشائعة هي اي خبر او معلومة او حدث يتم تداوله وتناقله بين الناس دون تحقق او تمحيص. وعادة ما يتم انتشارها كالنار في الهشيم حين يكون المجتمع مهيئا لذلك: كحالة الحرب، او حال حدوث براكين وزلازل او فيضانات، او اي نوع آخر من الكوارث، سواء أكانت طبيعية، أم من صناعة البشر. وفي العادة فإن مستوى الوعي المجتمعي هو الاساس في نشر او كبح ولجم انتشار اي شائعة.
احيانا تكون الاشاعة بالون اختبار توجهه دولة ما للوقوف على مدى رد فعل الناس كالرغبة في رفع سعر سلعة ما كالمحروقات او المواد الغذائية. واحيانا اخرى تكون الاشاعة لجلب انتباه الافراد لشيئ ما وحرف بوصلتهم عن اي امر آخر يتعارض والنهج العام للمؤسسة الحاكمة في دولة ما في العالم. وهنالك اشكال للاشاعة تتفشى في المجتمعات جميعها، منها ما يتخذ من الموروث الثقافي او الاجتماعي شكلا له، ومنها ما يتعلق باستخدام التقنيات المتوافرة.
فالاساطير القديمة التي كانت الى وقت ليس ببعيد مسيطرة على اذهان الناس ومغيبة لعقولهم من اكتساب المعرفة، تعتبر نوعا من انواع الاشاعة التغييبية للفكر البشري. وفي عصرنا الحاضر يتم استغلال وسائل الاعلام من قبل ذوي الشأن لاجل غسل ادمغة المشاهدين وفرض اجندة تصبح مع مرور الوقت واقعا معيشا. وهنالك الاشاعات المضللة خاصة في زمن الحروب حيث تربك العدو وتتمكن منه نفسيا مما يؤدي الى قلقلة وضعه وربما انهزامه شر هزيمة.
وربما الكثير من الناس لا يظن الا الخير المطلق من وراء اطلاق النكات في مجتمع ما. فهي وسيلة لجعل الشعوب تلهو في غيها- احيانا كثيرة- وتواجة الوضع العام في الدولة بالضحك وال"فرفشة" متناسين ما يدور حولهم من مصاعب، واحيانا مصائب. فالنكته هنا لسحب الغيظ والمكنون الجوفي للافراد بحيث يصبح الجمع آلة تعمل بوساطة ضغظة أزرار معينة.
من الشائعات ما يتخذ طابع العدوانية تجاه شخص ما وابرازه في هيئة مقززة امام الملأ، وهذا ما يدعى ب"الشيطنة" لشخص ما وحشد الراي العام على ابراز مساوئه والتمكن منه والاطاحة به وبملكه. وبعض الشائعات ما يتخذ صورة التنبؤ واستشراف المستقبل كأن يدعي مطلقوها معرفتهم بما ستؤول اليه الامور وبالتالي تهيئة المجتمع لذلك الحدث ليسري في نفوسهم ودماءهم ويصبح من المسلمات، ثم تتبناه الجهة المسيطرة على ذلك المجتمع.
وفي مجال الفن يعمد البعض من الفنانين الى اطلاق شائعات عن انفسهم يكونون هم ابطالها بلا منازع. فمنهم من يطلق نفيه خبر ارتباطه باحداهن، ومنهن من تدعي انها مرتبطة بشخص من السلك الدبلوماسي، ومنهم من يسرب خبر وفاته عن طريق وسطاء ثم يظهر وينفي كل ذلك ويصفه بالهراء. هذا يحدث في زماننا هذا والغاية منه تعزيز مكانة الشخص لدى افراد المجتمع، وخاصة من محبيه، ولفت انتباههم وانظارهم الى انه هنا.
فكيف السبيل لمواجهة سيل العرم من الشائعات؟ لا بد من توعية المجتمع برمته: بدءا من الفرد والاسرة والحي، وانتهاء بالدولة ككل، ولا بد من تحصينه بالعلم والمعرفة وتزويده بالمعلومة الصحيحة الصادقة كي لا يضيع ويشقى وحينها ينطبق عليه بيت الشعر:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا / ليوم كريهة وسداد ثغر
يتبع......
ابتسام ابو واصل محاميد -----
فلسطين
30-8-2015