[ 9 ] ترسيم الحدود
بقلم: يحيى محمد سمونة
مازلنا نمضي معا أيها الأحباب في رحاب كتابي / نظرية النطق / في فصله المعنون بـ / ترسيم الحدود / حيث نتعرف على الحدود التي يتوجب علينا التوقف عندها ونحن نقيم علاقاتنا كافة كي يكون سلوكنا سلوكا راقيا و محببا.
أيها الأحباب: كنا قد تعرفنا في بضعة منشورات سبقت على عدد من الحالات التي لا تستقيم معها علاقاتنا مع ذواتنا !! كالإنهزام الداخلي ،و ضعف الإرادة،و الإسترسال وراء العواطف، و التنطع و المغالاة عند السعي لتحقيق الأهداف و الطموحات أو عند ممارسة كافة النشاطات الحيوية التي تميز الإنسان الحر المكلف.
و أخيرا فمن الحالات التي تؤدي إلى فشلنا في إقامة علاقات سوية هي حالة إفتقادنا لمناهج سوية نعتمد عليها كأساس متين راسخ لأية بناء سوي!! فإنسان اليوم جمع علوما و معارف و خبرات شتى، لكنه! في مسألة إمتلاك المناهج الخاصة بتسوية علاقاته فإنه لم يزل طفلا يحبو !!
أيها السادة و السيدات مرحبا بكم جميعا، وبعد: إن منشور اليوم إذ يتحدث عن مشكلة المناهج فهو إذن من الأهمية بمكان ذلك أن الحالات التي أسلفتها لكم والتي تتحدث عن سوء تصرف الإنسان مع نفسه فإنها لا تعني شيئا بالقياس إلى مشكلة إفتقاده المناهج التي يحتاجها من أجل إنشاء علاقات سوية، سديدة،و محكمة.
ــــ
أيها الأحباب:
إن إفتقادنا لمناهج سوية نبني من خلالها علاقاتنا يعني أننا سنغدوا كدمية تعبث بها الأيدي أو كقشة تتقاذفها الرياح في كل إتجاه !!
ـ
أيها الأحباب:
في الأصل تقوم الطليعة المثقفة في أي مجتمع بشري على رعاية المناهج السلوكية لأفراده فهي تحمل على عاتقها مسألة الرسم لسلوك الأفراد و المجتمعات، و هي ـ أي الطليعة المثقفة ـ تضع سمات و معالم المنطق البشري و ما يلزم على الأفراد و المجتمعات من سلوك في حاضرهم و مستقبلهم كي يسير الجميع بخطى راسخة ثابتة نحو إقامة مجتمع حضاري سام.
ــــ
إننا اليوم ـ بمقتضى التدبير الإلهي لهذه الأمة ـ لانملك كادرا لطليعة مثقفة !!! بل لا تزال هذه الأمة ترزح تحت وطأة مناهج سلوكية وضعتها لها طليعة مثقفة ذات منبت هجين !!!فهي ـ أي هذه الطليعة المهجنة ـ من جهة أولى لاتفقه شيئا عن المكونات الرئيسة لحقيقة الشخصية العربية بما هي عليه من سلوك و توجه و استشراف للمستقبل!! وهي من جهة ثانية يهمها أن تدمر هذه الأمة بدلا عن الإرتقاء بها !!
ـــــ
و كتب: يحيى محمد سمونة. حلب