جاءت تلك الفتاة من بعيد وهي تشير لي بسبّابتها وتنادي أرجوك أن تنتظر لأسألك سؤالاً هو الأول ولن يكون الأخير ! قلت لها : تفضلي يا ابنتي واسألي وأرجو أن يكون سؤالك منفعة للناس وليس مضرة لأحد ! قالت سمعت أنك فنان تعرف الأغاني ! قلت لها : الذي قال لك ذلك قد أضلّك لكنني أعرف فقط كتاب الأغاني للأصفهاني ! قالت أنا متأسفة جداً فقد أكون قد أحرجتك بسؤالي ! قلت لها أبداً سؤالك لا يسبب إحراجاً ! وقد يكون عندي بعض العلم عن أغنية تريدين السؤال عنها وليس بالضرورة ان تكون أغنية ساقطة ترخرج الجيل الناشئ بدل أن تشدّ من عزيمته ! قالت أخاف أن أذكرها فتضيق ذرعاً بسؤالي قلت لها يا ابنتي لديّ من سعة الصدر ما يكفي للصبر على مصائب الدنيا وأيضاً الشكر على نعائمها ! تفضلي : قالت ماذا تقصد تلك المغنية فايزة أحمد بقولها ( يمّا القمر عالباب ضيّت قناديله , يمّا أردّ الباب ولاّ أناديله ؟ تبسمت وضحكت وكدت أن أقهقه لما سألتني عنه لولا حشمة الأدب ولئلا تستصغر نفسها أمامي أو أن تشعر أنني اهنتها وأنها قد ارتكبت خطيئة بسؤالها لي ! تبسمت لها ثانية وكبحت نفسي عن أي شيء تراه الفتاة في غير موضعه ! ثم قلت لها : هذه أغنية سمعتها في ستينات القرن الماضي ويعرفها الناس وقتذاك ويعتبرونها من أجمل الأغاني ! هذه المغنية تشاور أمها ولم تقترف خلوة بالحرام ! فقد جاء خطيبها الذي تسميه ( القمر ) وهي بوصفها لخطيبها أنه القمر دليل على انها مؤدبة مهذَّبة تحب أن تحيا معه الحياة بكل كلام جميل وفعل حسن ! فما دامت أمها تعرفه اذن لا أسرار في الأمر مخفية ولا حقائق منفية ! فهي تستأذن أمها هل تقفل الباب أم تفتحه له أم تناديه تفضل فالبيت بيتك ! هذا ما أفهمه من جمال الأغنية ! وهي جميلة جداً أتمنى من كل فتاة أن تعرف هذا المعنى الجميل الذي استنبطه من معانيها الجميلة ! وأنا يا ابنتي انتظر مستقبلاً منك أي سؤالً ستسألِينيه مهما ظننت أنه غير مرغوب فيه ؟ قالت وهي تدعو بسبابتها بارك الله فيك لقد أنقذتني مما أحرجتك به ومنه وفيه ! الأديب وصفي المشهراوي ..