قصة قصيرة/بقلمي عامرالفرحان /العراق
حلم ميت
كانت ضعيفة امام موجة عواطفها العارمة وهي تعرض نفسها مرات عديدة امام غرفته بحجة توقيع الكتاب من رئيس القسم ..
هو يتجاهل فضولها ويكأنه لم ير شيئاً ربما فارق العمر الذي تجاوز عشرين عاماً..هي لم تترك حيلة للفتيات الا وفعلتها في ميدان أستعراضها ،بل اخبرت زميلتها في القسم بحجم عذاباتها لتشاركها في صنع المناورات لجذب أنتباه صاحب الحظ السعيد ومن بينها أرسال رسائل فارغة الى جواله أو كلمات تحية صباحية جميلة والاعتذار بحجة صدورها بالخطأ ...
مكر النساء والبهلوانيات لصديقتها تفيد بأنه سيصبح كالخاتم بإصبعها اذا اتبعت سلسلة التدريبات والاستعراضات الانثوية من بينها (خاتم المحبة او حصى المحبة والادعية والطلاسم التي يبيعها ابورشيد في شارع الرشيد، اوارتداء الملابس الجذابة الخارجة عن المألوف وانزال خصلة الشعر الملونة من تحت الخمار والذهب التقليدي في الاصابع وانتقاء عبارات رنانة ولطيفة لم يكن قد سمعها من ذي قبل) ولكن هل يفلح كل هذا ؟..
الصديقة بدأت مشوارها الجديد بالإنابة بالحديث المستمر معه وهو منهمك بين اوراقه واضابيره التي غطاها تراب الزمن ،وقد استعرضت الشريط السينمائي لقلب زميلتها المعذب فأجاب بكل برود:
- تقصدين ابنتي
- ابنتك..
- نعم هي بعمر ابنتي سميه
- ها،ها صمت قليل ابتسامة خجلة وتحدث نفسها كم انه رجل مغفل
استمر يكتب على ورقة بيضاء رافعا رأسه ومؤشرا بإصبعه :
- انت اجمل مافي القسم
- تبتسم،تنظر الى الاسفل
- اجمل مافي القسم بل في الدائرة ،بل حتى من مديرة الدائرة (الثلاجة المتنقلة)،والشباب والشابات والاضابير التي تعتز بها المديرة اكثر من امها وابيها وعشيرتها التي تؤويها..
سرور يجتاح ظلام فؤادها الذي غطته رمال التناسي ،فرحة بهذا الاطراء أنها بحاجة الى ذلك منذ زمن بعيد ،هي لم تسمعه حتى ايام شبابها ..
الفتاة المعذبة تسترق السمع الذي ينزل كالصواعق في اذنيّها ،باتت تراودها الشكوك ..صديقتها ستخطف حلمها عندما اصبحت وسيطة بين قلبين لم يكتب لهما ان يتفاوضا سوية ..خرجت من غرفته مرتبكة تشكره على مابدر من عطاء ثر ،تمسح شعرها، تضع يدها اليمنى على وجهها تفكرقليلاً،تقف ثم خطى ثقيلة.. كيف تتحول من وسيطة الى حبيبة ..حرب جديدة ،نظرات ساخطة وتنافر عاصف بين الفتاتين دون حديث يدور بينهما سوى قولها:
- انه رجل بعيد المنال ياصديقتي..
ياللخيبة والخسران والهزيمة ،القرار الاخير ان تطير من جبال أحلامها وتحط في أحضان المعترك وتصارحه قبل فوات ألاوان لأن غيظها سيقتلها وان العنوسة على الابواب مستجمعة قواها لتفتح فضاء الامنيات لتحقق حلمها بنفسها ..
دخلت اليه وهو يعتكف فوق طاولة الكتابة وشاربه الملون بالبياض يمتد مع خطوط نظره بعمق الى الاوراق المتناثرة أمامه ونظارته البيضاء تحدد مسار القراءة بشكل جيد دون الانتباه الى صرير الباب الذي فتحته بهدوء لتطلق تحيتها برقة وجمال فرد بكل سرور واعاد التحديق الى مايشغله وأومأ اليها بالجلوس امامه وما ان جلست حتى شرعت شباك وجدها في شاطيء غرامه فأجابها :
- انا لست حجراً وفي الحساب من الاوائل لكل المراحل الدراسية ومنذ اربع سنوات اعرف كل شيء وكتب ورقة صغيرة بثلاث حروف ودسها في يدها(ع،ن،هـ)
- أجابت هذه كلمات متقاطعة
- فقدت ماء وجهي امام ام العيال منذ عشرة سنوات..
لطمت وجهها وخرجت مسرعة وقدمت اجازة سنوية بلا مرتب