حدّثني حجر الرصيف باكياً :
على جدارٍ قديمٍ يُشبه قلبي , حَطّتْ فراشةٌ فتيّةٌ تتأملُ ظِلالَ شواهدِ القبورِ المزروعةِ في عتمِ الدروب وقالت : هل تعلمين .؟ صرت أخاف من الحديث .. خشيّة من هجومِ الصمتِ ..!
وعلى جدار قلبي القديم ؛ حَفَرَتْ الفراشةُ الفتيةُ , التي تأمَلَتْ ظلال شواهد القبور المزروعة في عتم الدروب , تعويذةً ؛ لأنها تخاف من الحديث .. خشية من هجومِ الصمتِ الطويلِ ..!
أيتها الشجرةُ المنصوبةُ على كتف الجدار القديم الذي يشبه قلبي؛ وخافتْ من الفراشة الفتيّة وهي تحتسي من الندى كأسَ حزنِها ؛ وتتأملُ الظلالَ الممتدةَ على طول ذاكرتها المزروعة في عتم الدروب التي لا توصل , إلا إلى بحارٍ من الخوف والجوع ..!
كان الخوفُ من الحديث يمتدّ طويلاً كرحلةِ بَحّارٍ يعاشرُ الصمتَ في العمر التعيس وهو يمضي وحيداً ؛ يقترفُ حزنَه الذي يمرّر فوق روحه شراراتٍ تُعلِنُ أنها انبثاقٌ جديدٌ للمواعيد .!
فتراني أجمعُ نفسي المرتميّة فوق صخورَ عُمري المذبوح على موجات القهر , ومن بين حجارته تنطلق مِديّةٌ تراقص كل شراييني .. آه يا حبيبة هذا العمر , هل مرَّ أمامَكِ ذات عُمرٍ ؛ حزنٌ يشبه حزني ؛ وحزينٌ يشبه هذا الحزين .